الصورة : عبد الرحيم بورقية باحث أكاديمي في سوسيولوجيا الرياضة.
رشيد صفـَـر
شهد ديربي الرجاء والوداد هذا الموسم 2024 / 2025، مقاطعة واسعة من طرف فصائل الجماهير، ما أفرز مدرجات شبه فارغة في واحدة من أقوى مواجهات الدوري المغربي. خطوة أثارت جدلا واسعا وردود فعل متباينة، وفي هذا السياق قدم الأستاذ عبد الرحيم بورقية، الباحث في علم الاجتماع، في تصريح لـ “ديريكت بريس” تحليلا عميقا حول رمزية الديربي وخلفيات المقاطعة وأثرها على مستقبل كرة القدم المغربية.
وأوضح بورقية أن رمزية ديربي الرجاء والوداد تتجاوز مجرد مواجهة كروية، لتصبح لحظة مشحونة بالعواطف والانتماء، يتابعها المغاربة من داخل الوطن وخارجه بشغف، ويصفها بأنها مرآة تعكس ثقافة مجتمع وتاريخ مدينة ووجدان جماهير. “
“الديربي ليس مجرد مباراة، بل ماركة وطنية مسجلة في الذاكرة الجماعية لكرة القدم”.
يقول عبد الرحيم بورقية .. مضيفا بخصوص المقاطعة، أن الأمر لم يكن مفاجئا، بل نتيجة منطقية لتراكمات طويلة من التوتر بين الجماهير والجهات المسؤولة. انعدام الثقة، ضعف التواصل، استمرار البرمجة غير العادلة، غياب الشفافية في التحكيم وسوء تسيير الأندية، كلها عوامل يشرح المتحدث نفسه أنها دفعت إلى هذا الشكل الاحتجاجي واصفا إياه كرد فعل ذكي.
كما انتقد بورقية تأخر أشغال صيانة مركب محمد الخامس، معتبرا أن البطء في الإنجاز وغياب الوضوح يزيدان من الشعور بالإقصاء.
وجوابا عن سؤال تحديد المسؤوليات، أوضح بورقية أن الجميع معني، حيث ذكر الجماهير، الإعلام، الجامعة، المسيرون وحتى الصحافة الرياضية. ودعا إلى مراجعة جماعية للأدوار، وتبني خطاب عقلاني بعيدا عن الانفعالات، لأن الديربي في نظره يجب أن يكون مناسبة لتعزيز الانتماء لا لتفريغ الاحتقان.
أما عن أثر المقاطعة، فقد أفاد بورقية أنها لن تؤثر سلبا على مستقبل اللعبة، لأن شغف الكرة لا ينطفئ حسب تعبيره.
“الرسالة وصلت، وعلى المسؤولين أن يلتقطوها بذكاء. المطالب الجماهيرية عادلة ومشروعة، وتتعلق بالعدالة وتكافؤ الفرص والشفافية”، يضيف عبر الرحيم بورقية، وفي رده على من اتهم المقاطعة بالمس بصورة المغرب في الخارج، خصوصا في ظل الاستعداد لتنظيم كأس إفريقيا وكأس العالم، قال بورقية إن من يزعم ذلك لا يعي ما يقول وأن المغرب بلد له حضارة عريقة وسجل رياضي حافل لن يتأثر بمقاطعة ديربي في كرة القدم، وأن الجماهير لطالما عبّرت عن وطنيتها من داخل المدرجات بأهازيج وشعارات تتغنى بالصحراء المغربية و بشعارات تعكس روح الوطنية مثل “ملكنا واحد”. وذكّر برد الجماهير على حفيد نيلسون مانديلا في مناسبة رياضية سابقة خارج الوطن، مدافعين عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وقال بورقية : “إن الوطنية الحقة لا تحتاج إلى مزايدات”، كما أوضح أيضا أن الرياضة وسيلة لبناء قيم الانضباط والانتماء، ويمكن أن تكون رافعة اقتصادية واجتماعية حين تتوفر الإرادة والاستراتيجية. الاستثمار في الرياضة ليس ترفا، بل خيار مجتمعي في خدمة الشباب.
كما أضاف بورقية أن هذا الحدث يجب أن يشكل فرصة لدعوة للمسؤولين والمسيرين والجهات المسؤولة عن كرة القدم، إلى التحلي بالرصانة وتفادي التصريحات غير المسؤولة، لأن الانفعال قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مبرزا أن المسؤول والإطار الرياضي الحقيقي هو من يربي ويؤطر، لا من يزايد ويهيّج، ولم يستثن بورقية مداخلات المحللين الرياضيين والإعلاميين وكل من يناقش الكرة في منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من الفضاءات المفتوحة على العموم.