تسنيم الريدي — ديريكت بريس مغرب
رغم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، يواصل رجال العمل الخيري تحمل أعباء تفوق طاقتهم، متحدّين المجاعة، ونقص التمويل، والمخاطر الأمنية الميدانية. ورغم الجهود الدولية، تبقى الشراكات المحلية — رغم محدودية مواردها — الحصن الأخير للوصول إلى المناطق المعزولة وتخفيف معاناة ملايين النازحين.
إحصائيات صادمة نشرتها منظمة “أطباء بلا حدود” كشفت عن تدهور الوضع الغذائي، حيث زادت نسبة علاج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد في إقليم دارفور بنسبة 46٪، بينما يموت طفل كل ساعتين، بعد توقف أكثر من 80% من مطابخ الإغاثة بسبب غياب الدعم الدولي.
لايف… ثلاثون عاماً من العطاء والتحديات
منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، تعمل مؤسسة لايف للإغاثة والتنمية في قلب الحدث، بفرقها المنتشرة بين أميركا والسودان ومصر. وبحسب بكير ريما، منسق الفريق الإغاثي بالسودان، فإن حجم المأساة يتجاوز التصور:
“أمامنا أكثر من 11.5 مليون نازح داخل السودان، و3.5 مليون غادروها. 70% من المنشآت الصحية معطلة، وتفشت الكوليرا، وانهارت أنظمة المياه والصرف الصحي بالكامل”.
ورغم كل هذا، برزت مبادرات شبابية تطوعية تمكنت من إنقاذ الآلاف بشراكات محلية، بتقديم خدمات طبية وغذائية في ظروف شديدة القسوة، وسط مخاطر القصف وإطلاق النار.
تغطية المناطق المعزولة… مهمة تتطلب الشجاعة والتضحية
عمر ممدوح، مدير المشروعات بالمؤسسة، أكد أن الظروف الحالية هي الأصعب خلال 32 سنة من عمل المؤسسة، حيث فقد أكثر من 202 من رجال الإغاثة أرواحهم أثناء أداء واجبهم، بعضهم أثناء محاولات إيصال المساعدات أو أثناء الاستيلاء على شاحنات الإغاثة.
“رغم الخطر، لا نملك خيارًا سوى مواصلة العمل الميداني… حتى لو فقدنا زملاءنا”، يقول عمر.
فرق الإغاثة تواجه تحديات الإمدادات والموارد المحدودة، ويعمل رجالها وهم يعلمون أن بعض أفراد أسرهم أنفسهم يعانون من المجاعة، وهو ما يجعل مهمتهم أقسى مما يتصوره البعض.
تخطي الأهل والأبناء… ضريبة العمل الإنساني
يقول بكير ريما، متأثراً:
“عائلتي تفرقت بالنزوح، وفي وقت كنت أوزع المساعدات، كان أهلي مهددين بالموت جوعًا… لكننا لا نستطيع ترك رسالتنا رغم كل المخاطر”.
حتى في رمضان وعيد الأضحى، كان فريق “لايف” يعمل بعيداً عن أسرهم، حيث أصروا على تنفيذ مبادرات خاصة بتوزيع السلال الغذائية ولحوم الأضاحي، متحدّين الواقع الميداني الصعب.
الأمل في الاستمرار رغم كل شيء
تظل “لايف” نموذجاً لصمود العمل الإنساني في وجه الأزمات، حاملة رسالة مفادها أن العطاء لا يتوقف عند حدود الخطر. وبين ركام الحرب وصيحات الجوع، يظل رجال الإغاثة — بأسمائهم المجهولة — ينسجون خيوط الأمل في حياة أفضل لملايين النازحين.
