spot_img

ذات صلة

كل المقالات

استقلاليو جهة الدار البيضاء سطات يحضرون لذكرى 11 يناير.

عقد استقلاليو جهة الدار البيضاء- سطات اجتماعا تنظيميا استعدادا...

إعادة اكتشاف الغواصة الفرنسية “ميدوز” قبالة سواحل الجرف الأصفر تُعيد إحياء ذاكرة الحرب العالمية الثانية.

بقلم: عبد الغني سوري

في خطوة علمية وتاريخية لافتة، أعلن المركز الوطني للدراسات والأبحاث في التراث المغمور بالمياه عن إعادة تحديد موقع الغواصة الفرنسية ميدوز (Méduse) قبالة سواحل الجرف الأصفر بإقليم الجديدة، وذلك في إطار برنامج التعاون المتواصل للسنة الثانية على التوالي بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والدرك الملكي، الهادف إلى جرد وتوثيق التراث الأثري المغمور بالمياه.

ويأتي هذا الاكتشاف ضمن مهمة علمية دقيقة استهدفت تحديد الموقع الجغرافي للغواصة وتوثيق حالتها الراهنة، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات علمية وتقنية للحفاظ عليها باعتبارها مَعْلَمًا من معالم التراث البحري والعسكري. وتعود قصة غرق الغواصة “ميدوز” إلى شهر نونبر من سنة 1942، خلال المواجهات المرتبطة بعملية الشعلة (Operation Torch) إبان الحرب العالمية الثانية، وهي العملية التي شكّلت محطة مفصلية في تاريخ شمال إفريقيا خلال ذلك النزاع العالمي.

شاهد تاريخي تحت الماء

تشكل بقايا الغواصة اليوم شاهدًا ماديًا نادرًا على مرحلة دقيقة من تاريخ القرن العشرين، إذ يُنتظر أن تُسهم الدراسات الأثرية والبحرية المرتقبة في توضيح ظروف غرقها، وتحديد مدى تأثير العوامل الطبيعية والبشرية على بنيتها عبر العقود الماضية.

وأفادت المعاينات الأولية بوجود جزأين رئيسيين من الحطام؛ الأول يقع في عمق أكبر، وهو مطمور إلى حدٍّ كبير تحت الرمال البحرية ويبدو في حالة حفظ متوسطة، فيما يتمثل الجزء الثاني في جزء من الهيكل و”البرج”، ويقع في عمق أقل لكنه يعاني من تدهور متقدم.

عوامل طبيعية وبشرية وراء التدهور

وبحسب المعطيات التقنية التي رافقت عملية التحديد، فإن حالة التدهور لا تعود فقط إلى التأثيرات الطبيعية للأمواج والتيارات البحرية وعوامل التآكل، بل يُرجّح أيضًا أن محاولات تفكيك تعرضت لها الغواصة في أواخر خمسينيات القرن الماضي قد أسهمت في تسريع تدهور بنيتها.

حماية الذاكرة البحرية للمغرب

ويُبرز هذا العمل العلمي أهمية الجهود الوطنية المبذولة لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، باعتباره جزءًا من الذاكرة التاريخية المشتركة، ورافدًا للبحث الأكاديمي في مجالات الآثار البحرية والتاريخ العسكري. كما يعكس تنامي الوعي المؤسسي بأهمية تثمين هذا التراث وصونه وفق المعايير القانونية والعلمية المعتمدة، بما ينسجم مع التزامات المغرب في مجال حماية التراث الثقافي.

وتفتح إعادة تحديد موقع الغواصة “ميدوز” آفاقًا جديدة أمام الباحثين والمؤرخين، كما تُعيد تسليط الضوء على صفحات من التاريخ البحري المرتبط بالسواحل المغربية، في انتظار ما ستكشف عنه الدراسات المعمقة خلال المراحل المقبلة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img