spot_img

ذات صلة

كل المقالات

الخطاب الملكي الأخير تحت المجهر: سرّ التحول في اللغة وأهم الرسائل التي حملها للداخل والخارج

بقلم: الصحافي حسن الخباز

شكل الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش حدث السنة بامتياز، ليس فقط لما تضمنه من رسائل قوية ومباشرة، بل لطبيعته الجديدة كلياً من حيث اللغة والمقاربة. فقد تميز الخطاب بابتعاد ملحوظ عن الأسلوب الإيديولوجي والسياسي التقليدي، وركّز عوضاً عن ذلك على خطاب الماناجمنت بلغة الأرقام، والمؤشرات التنموية الدقيقة.

إنها قفزة نوعية بكل المقاييس، تقطع مع ماضٍ من الخطابات التي يغلب عليها الطابع العام، لتفسح المجال اليوم لخطاب واقعي يسلط الضوء على الأولويات الكبرى، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية والمجالية، بوصفها عماد أي نموذج تنموي جاد ومستدام.

ولم تغب الدبلوماسية عن خطاب جلالة الملك محمد السادس، الذي ذكّر بالإنجازات المحققة في هذا المجال، لا سيما ما يتعلق بالقضية الوطنية، حيث شدد على الموقف المغربي الثابت تجاه الصحراء، والذي بات يحظى بدعم متزايد على الساحة الدولية، نتيجة التحركات الدبلوماسية الناجحة والمتزنة.

وفي تفاعل سريع مع الخطاب، عبّر تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية عن ترحيبه بمضامينه، واعتبره دعوة صادقة للسلام، والأمن، والتنمية الإقليمية. كما وجه هذا التحالف دعوة مباشرة للمغرب والجزائر لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حاثًا الجزائر على التجاوب المسؤول مع اليد المغربية الممدودة لبناء حوار صريح وواضح.

ومن أبرز ما شدد عليه جلالة الملك في هذا الخطاب هو صمود الاقتصاد الوطني، الذي حافظ على وتيرة نمو منتظمة رغم الأزمات الدولية المتكررة، وظروف الجفاف الحادة. كما أشار إلى الطفرة الصناعية التي يشهدها المغرب، حيث تضاعفت صادراته الصناعية منذ سنة 2014، خصوصًا في قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات والطيران، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية والسياحة.

أما اللغة الرقمية التي طبع بها الخطاب فقد لقيت اهتماماً واسعًا في الأوساط الإعلامية، بالنظر إلى شفافيتها ودلالاتها، نورد منها:

  • الناتج الداخلي الخام انتقل من 42 مليار دولار سنة 1999 إلى أكثر من 140 مليار دولار حاليًا.
  • احتياطي العملة الصعبة ارتفع من أقل من 5 مليارات دولار إلى أزيد من 37 مليار دولار.
  • نسبة التمدرس بالعالم القروي تطورت من أقل من 55% إلى أكثر من 95% في المستوى الابتدائي.
  • الكهرباء القروية كانت لا تتجاوز 18% من الدواوير، واليوم وصلت إلى أكثر من 99%.
  • عدد المسافرين عبر المطارات ارتفع من 5 ملايين إلى أكثر من 27 مليون سنويًا.
  • إنتاج السيارات كان شبه منعدم، واليوم المغرب من كبار منتجي السيارات في إفريقيا بما يزيد عن 500 ألف وحدة سنويًا.
  • معدل الأعمار ارتفع من 66 سنة إلى أكثر من 76 سنة.
  • عدد الجامعات والمعاهد تضاعف وتوسع ليشمل مدنًا جامعية جديدة وتخصصات تقنية حديثة.
  • شبكة الطرق السيارة انتقلت من 100 كلم إلى أزيد من 1900 كلم.
  • معدل الربط بالماء الصالح للشرب انتقل من 60% إلى أكثر من 96%.
  • نسبة الطاقة المتجددة صعدت من 0.5% إلى أكثر من 37% بفضل مشاريع عملاقة كـ”نور ورزازات”.

كل هذه الأرقام لم تكن فقط مؤشرات للتقدم، بل كانت دليلًا على أن المغرب يسير بخطى واثقة نحو تنمية شاملة ومندمجة، تضعه ضمن مصاف الدول الصاعدة بثبات.

خلاصة القول، إن الخطاب الملكي الأخير لم يكن مجرد مناسبة احتفالية، بل كان وثيقة سياسية وتنموية بامتياز، حملت رسائل عميقة وأسلوبًا جديدًا، وكان لها صدى واسع داخل المغرب وخارجه، بما يؤكد أن المغرب اليوم يعيش مرحلة جديدة من تاريخه بقيادة ملك يؤمن بلغة الإنجاز، ويخاطب مواطنيه بلغة الأرقام والنتائج.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img