✍️ بقلم: حسن الخباز
في تصعيد رقمي غير مسبوق، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب حملة واسعة تحت شعار: “كفى من أسعار أوروبا ومدخول إفريقيا”، في احتجاج رقمي يعكس حجم الغضب الشعبي من موجة الغلاء المتفاقمة، التي باتت تثقل كاهل المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية.
الانتفاضة الرقمية التي تصدرت منصات تويتر وفيسبوك وتيك توك، لم تخلُ من توجيه أصابع الاتهام المباشرة إلى الحكومة الحالية، برئاسة عزيز أخنوش، والتي وصفها كثيرون بأنها “السبب المباشر في تدهور القدرة الشرائية للمواطن المغربي”. واعتبر كثير من النشطاء أن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي قاد حملة انتخابية بشعار “تستاهلو أحسن”، انقلب على وعوده بمجرد توليه قيادة الحكومة، ليساهم – حسب تعبيرهم – في تعميق الأزمة الاجتماعية بدل معالجتها.
ورغم اختلاف الرؤى حول أساليب الاحتجاج، بين من يدعو إلى التحرك على أرض الواقع ومن يفضل استثمار قوة التأثير الرقمي، إلا أن الجميع متفقون على أن “الضغط الافتراضي” أصبح أداة حقيقية في صناعة الرأي العام، خصوصًا في بلد سبق أن تأثر بما حدث خلال موجة “الربيع العربي”، التي بدأت شرارتها من تدوينات ومنشورات.
حجم الغضب الشعبي المتنامي تجاوز في بعض التدوينات والوسوم القضايا الكبرى مثل الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، ليتحول إلى مطلب وحيد ومباشر: وقف نزيف الأسعار وتحسين الأجور والمعيشة. فأسعار السلع الأساسية والخدمات ارتفعت بنسب فاقت التحمل، في وقت لم يشهد فيه الدخل الفردي أي تحسن ملموس، وهو ما جعل المواطنين يعيشون نوعًا من “الاختناق المعيشي”.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة في 2026، بدأت تطفو على السطح دعوات لمعاقبة الحكومة عبر صناديق الاقتراع، كرد فعل طبيعي على ما اعتُبر “خذلانًا” و”خيانة للثقة الانتخابية”. فيما ذهب آخرون إلى المطالبة بإقالة الحكومة الحالية وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، بل وناشدوا المؤسسة الملكية بالتدخل الفوري لوضع حد لما وصفوه بـ”حرب معلنة على القدرة الشرائية للمواطن”.
اليوم، لا أحد ينكر أن المغرب يعيش حالة احتقان اجتماعي صامت. ويبقى السؤال الأبرز: هل تتحرك الحكومة لمراجعة سياساتها؟ وهل ستتجاوب الدولة مع هذا الزخم الشعبي الرقمي قبل أن ينتقل إلى الشارع؟ أم أن الانتظار سيطول إلى حين موعد الحساب في 2026؟
ما هو أكيد أن صوت المغاربة بات عاليًا، ومطلبهم واضح: “كفى من أسعار أوروبا ومدخول إفريقيا”. والكرة الآن في ملعب من يملك القرار.