✍️ بقلم: الصحافي حسن الخباز
في تصعيد جديد بلا أثر يُذكر، أعلن ما يسمى بـ”البوليزاريو” مسؤوليته عن قصف رمزي استهدف منطقة خالية بمدينة السمارة المغربية، في محاولة يائسة لإثبات الوجود، وإشعال البروباغندا الإعلامية المعتادة. مقذوفات محدودة، أشبه بلعب نارية، سقطت على أطراف المدينة دون أن تصيب حجراً أو بشراً، لكنها أثارت فزعاً آنياً في صفوف ساكنة آمنة اعتادت على هدوء المدينة.
الردّ المغربي جاء هادئاً وحازماً في الآن ذاته، حيث انتقلت السلطات المحلية فوراً إلى موقع الحادث وفتحت تحقيقاً أمنياً وفنياً لمعرفة مصدر المقذوفات التي قُدّرت بخمس قطع، أُطلقت على الأرجح من خلف الجدار الرملي. التحقيقات الجارية تعتمد على معطيات تقنية دقيقة لتحديد مساراتها، وسط تأكيدات بأن الوضع تحت السيطرة ولم يشكّل أي تهديد فعلي للأرواح أو الممتلكات.
استهداف السمارة لم يكن عشوائياً. فالمدينة التي تعتبرها عصابات البوليزاريو “رمزاً روحياً” تضم أضرحة مؤسسي كبريات القبائل الصحراوية، واختيارها في هذا التوقيت ـ المتزامن مع حلول السنة الهجرية الجديدة ـ يحمل أبعاداً رمزية أكثر من كونه عملاً عسكرياً ذا جدوى.
القيادي الأمني السابق في البوليزاريو، والذي أعلن تمرده على قيادة الرابوني، وصف هذه المحاولة بـ”الاجتهاد الجزائري البئيس” لستر الخيبات المتراكمة أمام أعين المجتمع الدولي. وفي تدوينة له، سخر من العملية واصفاً إياها بـ”صفر على الشمال”، لا تغيّر شيئاً في الواقع ولا ترعب إلا الجبناء.
الغريب أن القصف تم على مرمى حجر من مقر بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”، وهو ما يطرح تساؤلات حول صمت هذه الهيئة الدولية رغم انتهاك مباشر لقواعد وقف إطلاق النار. ألم يحن الوقت لاتخاذ موقف واضح من هذه الاستفزازات التي تحاول أن تصنع بطولة زائفة على أنقاض الوهم؟
الأخطر، أن البروباغندا الانفصالية سعت لتضخيم “إنجازها” الهزيل إعلامياً، في وقت تدرك فيه جيداً أن التفجيرات لم تحقق أي هدف عسكري أو استراتيجي، بقدر ما تعكس حالة الإفلاس العسكري والمعنوي الذي تعيشه الجبهة.
لقد تحوّلت استفزازات البوليزاريو إلى مناورات دعائية مكرورة، والردّ المغربي الرسمي ظل في مستوى الرزانة رغم تصاعد هذه السلوكات الصبيانية. لكن الرسالة التي بات واضحاً ضرورة توجيهها اليوم هي أن المغرب، بكل أجهزته ومؤسساته، لن يبقى مكتوف اليدين إلى ما لا نهاية. فالوطن خط أحمر، والسكوت الحكيم ليس ضعفاً، بل حكمة تختار توقيتها بعناية.
وإذا كان مرتزقة البوليساريو قد أرادوا إيصال رسالة مفادها أنهم ما زالوا على قيد “الضجيج”، فإن المغرب يرد عملياً على الأرض، بالتنمية، بالبناء، وبالاستقرار الذي يشكل أقوى ضربة لمشروعهم المتآكل.