بقلم: الصحافي حسن الخباز
في ظل صمت عربي رسمي مخزٍ، يتعرض أهلنا في غزة العزة لحملة تجويع وتعطيش ممنهجة، بتواطؤ مع بعض الخونة العرب المتصهينين، الذين تحالفوا مع الكيان الصهيوني الغاشم، مع استمرار إغلاق المعابر في وجه المساعدات الإنسانية.
أزيد من مليوني فلسطيني في قلب غزة يعانون يوميًا من الجوع والعطش منذ شهور، بينما يواصل المحتل الإسرائيلي تشديد قبضته على المعابر، مانعًا دخول أبسط مقومات الحياة. الأخطر من ذلك أن هناك معابر تابعة لدول عربية، تخضع لإملاءات الكيان المحتل، وتغلق الأبواب أمام المساعدات، في مشهد يجسد قمة الخيانة الإنسانية والقومية.
رغم تحذيرات المنظمات الدولية والنداءات الإنسانية، يواصل الكيان تحديه السافر للعالم، مستفيدًا من الدعم الأمريكي والغربي المفضوح. الحصار المستمر منذ أكثر من شهرين يرسم مشهدا كارثيا: موت بطيء لشعب بأكمله أمام مرأى ومسمع العالم.
ما يزيد من مرارة المأساة أن بعض الدول العربية، بدل الوقوف على الحياد كما طلب الغزاويون، انخرطت في دعم المحتل ماديًا ومعنويًا. وهو دعم يزيد معاناة غزة، ويخون أبسط مبادئ العروبة والإنسانية.
وحذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي مؤخرًا من كارثة إنسانية محدقة، مؤكدة أن البرنامج استنفد كل مخزونه الغذائي في غزة بعد أكثر من سبعة أسابيع من الحصار الكامل للمساعدات.
في هذا الوقت العصيب، أطلقت سيندي ماكين، ممثلة الأمم المتحدة بالمنطقة، نداءً عاجلًا لوقف إطلاق النار والسماح الفوري بدخول العاملين في المجال الإنساني، مؤكدة أن التأخير يعني الموت الحتمي للمدنيين العزل.
الغضب العالمي في تصاعد. أحرار العالم، ومعهم مشاهير ومؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، يرفعون أصواتهم تنديدًا بالصمت الدولي، مطالبين بإنقاذ غزة والضغط لفتح المعابر أمام المساعدات.
ويبقى السؤال المرير: إلى متى يستمر هذا الوضع الكارثي في غزة؟ متى ستتحرك الدول العربية والإسلامية لإنقاذ أختها المغتصبة؟ متى يكف العالم عن الصمت المخزي أمام وحشية الاحتلال؟
هي أسئلة حارقة تبحث عن إجابات وسط بحر من الخذلان الرسمي. ولو أُعطي الشعوب العربية والإسلامية الضوء الأخضر للتحرك السلمي وبصدور عارية نحو الأراضي الفلسطينية، لتغيرت المعادلة خلال ساعات.
كلنا نعلم أن الصهاينة جبناء، يخافون المواجهة المباشرة، وحركة جماهيرية سلمية باتجاه الأراضي المحتلة كفيلة بإنهاء عقود من الاحتلال الذي لم تفلح الجيوش ولا المؤتمرات الدولية في إسقاطه.
ماذا لو سمح الحكام لشعوبهم بالتحرك؟ ألم ينجح الملك الراحل الحسن الثاني بحكمته وشجاعته في استرجاع صحرائنا المغربية بالمسيرة الخضراء؟ ألم يكن ذلك درسا خالدا في كيفية تحرير الأرض دون طلقة رصاص واحدة؟
إن شعوب العالم اليوم مستعدة للتحرك من أجل فلسطين. القضية أصبحت قضية إنسانية عالمية. والعالم، رغم صمته الرسمي، ينبض قلوبه نصرة لغزة وفلسطين، وينتظر فقط شرارة أمل… شرارة تبدأ بشعوبنا.