ياسين حجي
الشيء الوحيد الذي أكدته احتجاجات جيل Z هو أن هناك فرق شاسع بين ما كانت تراهن عليه نخب سياسية وبين الواقع على الأرض، بين جيل ظن البعض أن لا يكثرث وبين الحقيقة أنه واع بطريقة ما أن ما يحدث ليس في صالح المستقبل، نزلوا وهَمهم احتجاجي صرف، حول وضعية اجتماعية وسياسية واقتصادية ليس لها لا لون ولا مذاق، مبهمة كالأفق الغير المرئي الذي نعيشه.
كل هذا انطلق من فضاء رقمي كان ملتقى لألعاب الفيديو القتالية التي أصبح فيها قتال الشوارع عبارة عن عقيدة لها، داخل فضاءات رقمية خاصة لجيل يعي حجم المشاكل، ولكنه لا يعي بالسياسات العامة ولا يعرف أغلبهم غير النزر القليل من القواعد المؤطرة للمجتمع.
بيان مطالب جيل Z الموجهة لجلالة الملك كأعلى سلطة بالبلاد والضامن لهم كمواطنين من جيل جديد يتشبثون بالثقة في جلالته فقط دون عن باقي مكونات المجتمع.
كان فيه من الالتباس عليهم في المطالب حتى نسوا أهم مطالبهم وشعاراتهم وهو التعليم والصحة.
بل إن رأس أخنوش الذي يطالب بع السواد الأعظم للمغاربة الآن ليس للملك دستوريا الصلاحية لإقالته.
هنا علينا جميعا التوقف قليلا فنحن بحاجة لمراجعة دستورية شاملة وواضحة ومرنة وليست ذات تأويلات كثيرة كمطلب سياسي أصبح ملحا وضروري في ظل تواجد نخب سياسية سيئة جدا بل أظهرت أن صناديق الاقتراع تخلف لنا عدد لا بأس به من العاهات السياسية.
التي لا تملك من الشجاعة ولا الفكر أي رؤية للمستقبل الإنساني.
التعليم والصحة هما العصبين من الثلاثة الذين كانوا مطلبا مغربيا دائم ليس لإصلاحهما بل لإعادة النظر في منظومتهم رفقة العدل الذي أخذ طريقه مع استقلال النيابة العامة حتى أصبح المواطن يحس أننا لسنا في غابة، وهو ما يجعل مطلب المسؤولية والمحاسبة وتضارب المصالح في قلب التحديات التي على السلطة القضائية أن تكون ذلك السد المنيع بما توافر لديها من قوانين، رغم أن البرلمان أصبح أيضا مكان لتشريع قوانين فاسدة التي وجب أن نجد لها طريق من أجل أن تذهب مباشرة للمحكمة الدستورية، للنظر فيها وجوبا دون أي شروط للإحالة.
اليوم نحن بحاجة لمراجعة دستورية شاملة وفق مقاربة مغربية انتقالية تضمن عدم التراجع عن المكتسبات الديمقراطية بل وتضيف إليها، مع عدم رهن المغاربة لدى نخبة سياسية رافضة لأن تركب قطار الديمقراطية.
ما يحتاجه الجيل ليس النصائح بل احتضان وتأطير بعيد عن لغة التحاور الجاف والخشبي المبني على رؤية جامدة بل إجراءات فورية تلبي الطموح، وتتكلم لغة المستقبل القريب والمتوسط.
هذا ما نستنتجه من جملة المطالب التي يحاول جيل Z التعبير عنها، وهو ما يتوافق مع ما نعيشه أيضا فنحن بحاجة لدستور يحمينا ويمثل العقد المجتمعي الذي يربط بيننا.