بقلم: حسن الخباز
حلّ عيد الشغل هذه السنة في ظرفية دقيقة تطبعها أجواء من التوتر والاحتقان الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية، على خلفية تراجع الحريات النقابية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية، ما زاد من الضغط على القدرة الشرائية للطبقة العاملة.
ورغم رمزية فاتح ماي باعتباره عيدًا عالميًا للعمال، إلا أن الشغيلة المغربية لا تزال تعتبره مناسبة للاحتجاج أكثر من كونه يوماً للاحتفال، في ظل استمرار ما تعتبره النقابات “تراجعاً عن مكتسبات تاريخية” و”تجميداً لورش الحوار الاجتماعي الحقيقي”.
احتجاجات وشعارات متكررة
خرجت مختلف المركزيات النقابية، كعادتها، في مسيرات ووقفات احتجاجية جابت الشوارع الرئيسية في عدة مدن مغربية، مطالبة بتحسين الأجور، واحترام الحقوق النقابية، وضمان حرية التنظيم، وإصلاح أنظمة التقاعد، والحماية الاجتماعية، ومراجعة مدونة الشغل، خصوصاً ما يتعلق بقانون الإضراب الذي ما يزال يشكل نقطة خلافية.
قانون الإضراب.. قيد على الحريات؟
شكل مشروع قانون الإضراب الذي تم تمريره مؤخراً من طرف حكومة أخنوش، خارج جلسات الحوار الاجتماعي، النقطة الأكثر إثارة للجدل هذا العام. حيث تعتبره النقابات تكبيلاً لحرية الشغيلة ومصادرة لحق مشروع نصت عليه المواثيق الدولية والدستور المغربي.
وعد حكومي برفع الأجور
في المقابل، أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، يونس السكوري، خلال كلمته بمناسبة العيد الأممي، أن الحد الأدنى للأجور سيرتفع من 3000 إلى 4500 درهم، تنفيذًا لتعليمات ملكية، كما وعد بإصلاحات تشريعية تشمل قانون النقابات ومدونة الشغل، مع التركيز على القطاعات الهشة كالأمن الخاص والنظافة.
إلا أن النقابات ترى أن هذه الإجراءات تظل غير كافية في ظل تفشي الغلاء الذي امتص تأثير أي زيادات سابقة، كالألف درهم التي تم الاتفاق عليها العام الماضي، والتي لم يشعر بها العاملون نظراً لتآكلها بفعل ارتفاع أسعار المعيشة.
زيادة مرتقبة في القطاع الخاص
أعلنت الحكومة كذلك عن زيادة بنسبة 5% في الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص، ابتداءً من السنة القادمة، وذلك في إطار ما تم التوافق عليه في جولات الحوار القطاعي. ورغم ذلك، لا تزال تحديات كبرى تواجه الشغيلة، أبرزها هشاشة سوق العمل، ارتفاع معدلات البطالة، واستمرار توسع القطاع غير المهيكل.
الحوار الاجتماعي: مطلب دائم
مع كل فاتح ماي يعود موضوع الحوار الاجتماعي إلى الواجهة، وسط مطالب بتنزيل فعلي لما تبقى من التزامات الحكومة مع النقابات، وتحويله من مجرد واجهة إلى آلية فعالة تضمن العدالة الاجتماعية والكرامة المهنية.
في النهاية، لا يزال عيد الشغل بالنسبة للشغيلة المغربية، يوماً لتجديد المطالب والوقوف على حصيلة سنة من التحديات، أكثر منه مناسبة للاحتفال. فـ”أي عيد هذا الذي لا يجلب معه سوى الوعود المؤجلة؟”، يتساءل كثير من العمال في ظل واقع معيش متعب، وحقوق ما زالت تنتظر التفعيل.

