المراسلة :هدى الكايد
نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، بشراكة مع محكمة الاستئناف بمراكش، ندوة علمية حول موضوع: “قانون التنظيم القضائي بعد مرور سنتين من إصداره: قراءة في الفرص والتحديات”. الندوة شكلت محطة هامة لإثارة النقاش العلمي والأكاديمي حول مآلات هذا القانون، ومدى فعاليته في تحقيق الأهداف التي وُضع من أجلها، بعد سنتين من دخوله حيز التنفيذ.
اللقاء، الذي يندرج ضمن الدينامية الوطنية الرامية إلى تقييم التجربة القضائية بعد دستور 2011، عرف حضور شخصيات وازنة في المشهد القضائي والأكاديمي، من ضمنهم عميد الكلية الدكتور محمد الغالي، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش، ورئيس المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة، وعدد من الأساتذة الجامعيين، من بينهم الدكتور سعيد عبد الرحمن بنخضرة، منسق ماستر الحكامة القانونية الرقمية، والدكتور عبد العزيز أدزني، منسق ماستر المنازعات المدنية والعقارية.
كما سجلت الندوة حضور الأستاذ عبد الرحمن خنوس، الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب، الذي تابع أشغال اللقاء في إطار انفتاح المنظمة على محيطها الأكاديمي والتشريعي، وحرصها على الإسهام في النقاشات العمومية ذات الصلة بالحكامة وتعزيز دولة الحق والقانون.
وقد تميزت الندوة بتقديم مداخلات علمية متخصصة قاربت قانون التنظيم القضائي من عدة زوايا، وركزت على جوانب القوة التي أتى بها، وفي مقدمتها توحيد النصوص وتوضيح الاختصاصات داخل منظومة العدالة، بالإضافة إلى ضبط العلاقة بين مكونات الجسم القضائي، وهيكلة المحاكم بشكل أكثر فاعلية ونجاعة. كما لم يغب عن النقاش التحديات التي رافقت تنزيل هذا القانون، خاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية واللوجستيكية، وصعوبات التنزيل على مستوى المحاكم الابتدائية والاستئنافية.
الأساتذة المتدخلون شددوا على أن التقييم المرحلي لأي قانون يعد مؤشرا على نضج التجربة القانونية بالمغرب، مشيرين إلى أن نجاح هذا الورش التشريعي رهين بمدى تجاوبه مع خصوصيات الواقع القضائي، وقدرته على التجاوب مع تطلعات المتقاضين ومرتفقي العدالة.
وقد خلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات، أهمها ضرورة تعزيز التكوين المستمر لمكونات العدالة بشأن مضامين القانون الجديد، وتيسير التنسيق بين مكوناته، والعمل على تجاوز العراقيل التي تعيق تفعيله، خاصة على مستوى التكوين والتأطير والتجهيزات، وذلك بهدف الوصول إلى قضاء ناجع، فعّال، ومنصف.
وإلى جانب مداخلات المتخصصين، كان اللقاء مناسبة لتبادل وجهات النظر بين الأكاديميين والمهنيين، مما أعطى للنقاش بعدًا تفاعليًا أثمر أفكارًا ومقترحات واعدة من شأنها المساهمة في ترسيخ ثقافة التقييم التشريعي، وتعزيز الثقة في المنظومة القضائية.
الندوة، التي تندرج في إطار التفاعل مع التحولات التي يعرفها الحقل القانوني بالمغرب، شكّلت مناسبة للتأكيد على أهمية الحوار الأكاديمي والمؤسساتي، كرافعة لتجويد القوانين وتعزيز دولة القانون والمؤسسات.