spot_img

ذات صلة

كل المقالات

قضية السودان ضد الإمارات.. “التحفظ السري” الذي أسقط الدعوى أمام محكمة العدل الدولية

بقلم: حسن الخباز

في تطور مفاجئ وغامض لقضية شغلت الرأي العام الدولي، أعلنت محكمة العدل الدولية اليوم رفضها للدعوى التي رفعتها الحكومة السودانية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، في ملف يتهم أبو ظبي بـ”التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية بإقليم دارفور”.

القرار صدر رسميًا بعد جلسة مغلقة للمداولة، عُقدت منتصف هذا اليوم، بعدما كانت المحكمة قد حددت تاريخ 30 أبريل للنطق بالحكم. وبهذا الرفض، طويت – مؤقتًا على الأقل – صفحة واحدة من أخطر الاتهامات المتبادلة في الساحة الدولية، والتي تتقاطع فيها السياسة والدم والمصالح الإقليمية.

اتهامات ثقيلة.. ورد إماراتي صارم

السودان كان قد اتهم، عبر مندوبه الدائم، دولة الإمارات بتقديم دعم عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب مجازر جماعية، خاصة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور. وتضمنت الدعوى اتهامات مباشرة لأبو ظبي بالتواطؤ في جرائم إبادة جماعية ضد إثنية “المساليت”، عبر تسليح وتمويل الميليشيات المتورطة في نزاع دموي مستمر منذ أكثر من عامين.

لكن أبو ظبي نفت كل هذه الاتهامات، ووصفتها بـ”المزاعم الزائفة” و”المسرحية السياسية”، معتبرة أن الخرطوم تحاول صرف الأنظار عن صراعاتها الداخلية. وخلال جلسات المحكمة، دفع الوفد الإماراتي بعدم اختصاص محكمة العدل الدولية للنظر في هذه القضية، مستندًا إلى بند تحفظي وقّعته الإمارات سنة 2005 عند انضمامها لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

الوصفة السحرية: بند “التحفظ” الذي قلب الطاولة

العديد من المتابعين اعتبروا أن “الوصفة السحرية” التي قلبت موازين الملف هي ذلك التحفظ القانوني الذي أدخلته الإمارات أثناء توقيعها الاتفاقية الأممية، والذي يمنع أي طرف من ملاحقتها أمام محكمة لاهاي دون موافقتها المسبقة. وهو ما جعل المحكمة تعتبر نفسها غير مختصة للنظر في القضية.

ويرى خبراء القانون الدولي أن هذا التحفظ كان كافيًا لدفع المحكمة إلى إغلاق الملف، دون الخوض في صلب الاتهامات أو فحص الأدلة التي قدمها الجانب السوداني.

ماذا بعد لاهاي؟

القرار خلف صدمة في صفوف وفد السودان ومناصري القضية، خاصة وأن الحرب المستمرة في البلاد أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين، بالإضافة إلى تفاقم المجاعة والانهيار شبه الكامل للخدمات الأساسية في مناطق واسعة من البلاد.

ويبقى السؤال المطروح الآن: هل ستلجأ الخرطوم إلى منابر أممية بديلة؟ أم أنها ستعيد بناء ملفها القانوني لمحاولة جديدة أمام المجتمع الدولي؟

وفي انتظار رد السودان الرسمي، تتواصل المعاناة الإنسانية في دارفور، وسط تساؤلات عن مدى قدرة النظام الدولي على محاسبة الفاعلين في النزاعات المسلحة، عندما تتحول السياسة إلى حصانة قانونية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img