بقلم: الصحافي حسن الخباز
انضمّ حزب العدالة والتنمية مؤخراً إلى الفرق البرلمانية المعارضة الداعية إلى تفعيل ملتمس الرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، في خطوة تعيد النقاش السياسي إلى الواجهة وتفتح الباب أمام سيناريو إسقاط الحكومة قبل انتهاء ولايتها الدستورية.
ووفقاً لبلاغ صادر عن قيادة حزب العدالة والتنمية، فإن الغاية من دعم هذا الإجراء هي “تحريك المياه السياسية الراكدة”، ووضع الحكومة أمام مسؤولياتها بعد ما اعتُبر فشلاً واضحاً في الوفاء بوعود البرنامج الحكومي، وتسببها في تدهور الوضع المعيشي لشريحة واسعة من المواطنين.
ويستند ملتمس الرقابة إلى مقتضيات الفصل 105 من الدستور المغربي، الذي يتيح لأعضاء مجلس النواب إسقاط الحكومة عبر آلية قانونية محددة، شريطة أن يحظى الملتمس بتوقيع خُمس أعضاء المجلس، وأن تتم المصادقة عليه بالأغلبية المطلقة.
خلال اجتماع دام ثلاث ساعات أول أمس الأحد، تداولت فرق المعارضة – وعلى رأسها الفريق الاشتراكي، الفريق الحركي، فريق التقدم والاشتراكية، إضافة إلى فريق العدالة والتنمية – في مضامين المسودة الأولية للملتمس، التي من المنتظر عرضها على أنظار مجلس النواب خلال الأيام المقبلة.
وتأتي هذه المبادرة السياسية عقب إطلاق دعوات لتشكيل لجنة تقصي حقائق حول ما وُصف بفضيحة الدعم الموجه لمستوردي الأغنام المخصصة للعيد، وهو ما اعتبرته المعارضة هدراً للمال العام لفائدة فئة محدودة، دون أن يعود ذلك بالنفع على المواطن البسيط.
انضمام “البيجيدي” إلى هذا التوجه أعطى دفعة قوية للمسعى، خاصة بعد إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران على رأس الحزب، وهو الذي لطالما عرف بمواقفه المنتقدة بشدة للحكومات المتعاقبة، وفي مقدمتها حكومة أخنوش.
ورغم أن تاريخ المغرب السياسي لم يشهد سوى حالتين تم فيهما اللجوء إلى ملتمس الرقابة (سنتي 1964 و1990)، إلا أن المعارضة الحالية تراهن على هذه الآلية باعتبارها من أقوى وسائل الرقابة البرلمانية، ووسيلة دستورية مشروعة لمساءلة الحكومة وربما إسقاطها.
من جهة أخرى، يرى بعض المحللين السياسيين أن خطوة المعارضة، رغم مشروعيتها، قد لا تتجاوز حدود تحريك النقاش السياسي الجامد، بالنظر إلى صعوبة جمع الأغلبية العددية المطلوبة لإسقاط الحكومة فعلياً، في ظل استمرار التماسك النسبي لأحزاب الأغلبية.
وفي تصريح للمحلل السياسي عمر الشرقاوي، وصف المبادرة بأنها “تحريك رمزي للمشهد السياسي”، منبهاً إلى ضرورة التمييز بين التعبير السياسي المشروع وقدرة المعارضة فعلياً على إسقاط حكومة قائمة.
ويبقى السؤال معلقاً: هل ستنجح المعارضة في تحقيق هدفها وإقناع باقي النواب بضرورة إسقاط الحكومة؟ أم أن الملتمس سيتحول إلى مجرد ورقة ضغط مرحلية لتحسين شروط التفاوض أو تحريك الحياة السياسية فقط؟
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات، في وقت يتطلع فيه المواطن المغربي إلى نهاية لمعاناته اليومية، بعد سنوات من الغلاء وقرارات حكومية مثيرة للجدل، زادت من صعوبة الحياة وأبعدت الحلم عن متناول يد الفئات البسيطة.