spot_img

ذات صلة

كل المقالات

وزارة الداخلية المغربية تُجدد دماءها: لفتيت يُطلق واحدة من أكبر عمليات الهيكلة في تاريخ الوزارة

بقلم: الصحافي حسن الخباز

تشهد وزارة الداخلية المغربية، تحت قيادة عبد الوافي لفتيت، واحدة من أعمق وأجرأ عمليات إعادة الهيكلة الإدارية، في خطوة تهدف إلى تجديد الدماء وتحسين الأداء ورفع مردودية واحدة من أهم وأقوى الوزارات بالمملكة. العملية، التي اعتبرها عدد من المتابعين “نقلة نوعية”، ترتكز على ضخ كفاءات جديدة شابة وتشجيع الموظفين من ذوي الخبرة والتجربة الطويلة على التقاعد المبكر، في إطار مقاربة توازن بين التحول الإداري والاحتفاظ بروح المسؤولية.

هذا التوجه لاقى ترحيباً واسعاً من مختلف الفاعلين والمتتبعين، بالنظر إلى الدور الاستراتيجي الذي تلعبه وزارة الداخلية، سواء من حيث الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية أو تدبير الشؤون الترابية أو تأمين الاستقرار وحماية المؤسسات. ويكفي أن نُذكر أن هذه الوزارة، التي وُصفت لعقود بـ”أم الوزارات”، تدير قطاعات حساسة مثل الإدارة الترابية، الأمن الوطني، الوقاية المدنية، وحماية التراب الوطني.

الوزير لفتيت، المعروف بحزمه وهدوئه، يقود هذه العملية بروح إصلاحية واضحة تهدف إلى مواكبة التحديات الجديدة، وعلى رأسها التحول الرقمي، ورهان العدالة المجالية، والاستعداد لتنظيم أحداث كبرى مثل كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا. العملية تشمل إحالة الموظفين ممن تجاوزوا الستين أو قضوا سنوات طويلة في مناصب المسؤولية على التقاعد المبكر، وإفساح المجال لخريجي المدرسة الوطنية للإدارة وأطر كفؤة جديدة قادرة على التجاوب مع متطلبات العصر.

ولم تأت هذه الخطوة بشكل ارتجالي، بل بعد دراسة معمقة واستشارة واسعة داخل الوزارة، وهو ما يمنحها مصداقية وقوة تنفيذية حقيقية. فالمطلوب اليوم هو مزيد من النجاعة والشفافية والسرعة في معالجة الملفات، وهي أمور باتت تشكل جوهر الخدمة العمومية الناجحة، خاصة في ظل تزايد انتظارات المواطنين.

ويُعزز هذا الإصلاح خطوة الوزارة السابقة في مجال الرقمنة وتبسيط المساطر وتعزيز قنوات التبليغ عن الفساد، ما يؤكد أن هناك مسارًا إصلاحيًا متكاملًا بدأ يؤتي أكله تدريجيًا.

ورغم بعض التحفظات من جهات ترى في هذا التغيير خطراً على الرصيد التراكمي لعدد من الكفاءات التي راكمت خبرة طويلة، إلا أن التوجه العام يبدو واثقًا في قدرات الشباب وإمكانياتهم في إحداث الفرق، خاصة إذا جرى دعمهم بالتكوين والتأطير اللازم.

في المجمل، ما يحدث داخل وزارة الداخلية اليوم لا يمكن وصفه إلا بـ”ثورة هادئة” في تدبير الشأن العام المحلي والوطني. ثورة قد تعيد رسم معالم الإدارة المغربية الحديثة وتدفع بالمغرب نحو جيل جديد من الحكامة العمومية المبنية على الكفاءة والفعالية والشفافية، بقيادة سلطة تنفيذية تُدرك تماماً رهانات المرحلة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img