ديريكت برشيد مغرب
في خطوة استراتيجية غير مسبوقة تعكس الإرادة القوية للمغرب في ترسيخ قيم النزاهة وتعزيز الحكامة الجيدة، تم اليوم الثلاثاء بالرباط التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون مؤسسي بين الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وقد وقع الاتفاقية كل من السيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، والسيد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في إطار رؤية شمولية لتقوية الجبهة الداخلية ضد مخاطر الفساد، عبر التعاون الوثيق بين هيئة دستورية مستقلة وجهاز أمني سيادي.
الاتفاقية، التي بدأ التحضير لها منذ يوليوز 2025، تمثل تحولا نوعيا في مقاربة محاربة الفساد، إذ لا تقتصر على التنسيق الإداري أو التقني، بل تؤسس لشراكة استراتيجية قائمة على تكامل الأدوار بين الوقاية والزجر، بما يضمن نجاعة أكبر في تتبع ملفات الفساد، ويصون في الوقت ذاته سيادة القانون وحقوق الإنسان.
وتهدف هذه الشراكة إلى توطيد علاقات التعاون والتكامل بين المؤسستين، عبر تبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بقضايا الفساد، وتنظيم دورات تكوينية متخصصة في تقنيات الكشف والتحري، وإعداد دلائل مرجعية لتوحيد أساليب العمل، إضافة إلى تطوير نظم للرصد المبكر ووضع خريطة وطنية لمخاطر الفساد.
كما تسعى الاتفاقية إلى تعزيز القدرات المؤسساتية عبر تبادل الخبرات والدعم التقني والفني، والمساهمة في رفع مكانة المغرب إقليمياً ودولياً في مجال الشفافية والنزاهة، انسجاماً مع التزامات المملكة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وتتيح الاتفاقية للهيئة الوطنية للنزاهة إمكانية الاستفادة من الوظائف التقنية المتطورة للجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، وفق ضوابط قانونية دقيقة، مع ضمان احترام المعايير الوطنية والدولية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية.
ويرى مراقبون أن هذا التعاون بين مؤسستين سياديتين بهذا الحجم يمثل نقلة نوعية في مسار الإصلاح المؤسساتي بالمغرب، ويعكس التوجه الثابت نحو إرساء منظومة وطنية متكاملة لمكافحة الفساد، تقوم على الشفافية والمساءلة والنجاعة.
هذه الاتفاقية تأتي في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بآفة الفساد التي تهدد التنمية والعدالة الاجتماعية، وتشكل اختباراً حقيقياً لمدى التزام المؤسسات الوطنية بترجمة التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تجديد دينامية مؤسسات الحكامة وتعزيز ثقة المواطن في الإدارة العمومية.
وبذلك، يؤكد المغرب مرة أخرى أنه يسير بخطى ثابتة نحو إرساء نموذج وطني متقدم في محاربة الفساد، يجمع بين الصرامة القانونية والنجاعة المؤسساتية، ويجعل من الشفافية ركيزة أساسية لبناء دولة قوية، عادلة، ومتقدمة.