بقلم: الصحافي حسن الخباز
في خطوة فجّرت موجة استنكار واسعة، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، أمرًا تنفيذيًا يمنع بشكل قاطع دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، بدعوى حماية الأمن القومي ومصالح الأمريكيين من “أطراف أجنبية خطرة”، على حد تعبيره.
القرار الذي وصفته منظمات حقوقية بـ”العنصري والمجحف”، يستهدف مواطني كل من: أفغانستان، بورما، تشاد، الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتيريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، السودان واليمن، حيث تم حظر دخولهم جميعًا دون استثناء، في سابقة لم تعرفها السياسات الأمريكية الحديثة.
الرئيس ترامب لم يكتفِ بذلك، بل وسّع دائرة القيود لتشمل مواطني سبع دول أخرى، أُدرجت ضمن لائحة للمراقبة الصارمة، في إطار ما وصفه بـ”التقييم الأمني المتقدم”. ويأتي القرار ضمن امتداد لنهج سياسي بدأه منذ ولايته الأولى في 2017، حين أصدر قرارًا شهيرًا بمنع دخول مواطني دول ذات غالبية مسلمة، وهو القرار الذي أحدث حينها ضجة قانونية ودولية، واعتُبر تمييزًا دينيًا وعرقيًا.
في المقابل، اعتبرت المحكمة العليا في وقت سابق أن للرئيس صلاحية اتخاذ قرارات من هذا النوع حمايةً للأمن القومي، وهو ما استند عليه ترامب لتبرير قراره الجديد، الذي لا يخلو من البعد الإيديولوجي والشعبوي، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
هذا الإجراء الذي وصفه مراقبون بـ”الدرامي والخطير” جرّ على ترامب وابلاً من الانتقادات، سواء من الداخل الأمريكي، حيث عارضه عدد من أعضاء الكونغرس، أو من الخارج، إذ عبّرت منظمات دولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، عن قلقها من تداعيات القرار، واعتبرته خطوة غير مبررة تعاكس قيم الحرية والانفتاح التي تتغنى بها الولايات المتحدة.
ورغم هذا السيل الجارف من الاعتراضات، لا يبدو أن الرئيس الأمريكي ينوي التراجع، فقد عُرف بميله للقرارات الاستثنائية والصادمة، التي تتحدى الأعراف والمواثيق، وهو ما جعل كثيرين يتساءلون: هل يستطيع أحد إيقاف ترامب عند حده؟ وهل تكفي الضغوط الحقوقية والسياسية لإسقاط هذا القرار؟
التداعيات السياسية والدبلوماسية للقرار بدأت بالفعل تتشكل، والدول المتضررة لن تسكت على وصمها بالإرهاب أو التهديد الأمني دون تبرير. فحرمان ملايين البشر من دخول دولة بحجم الولايات المتحدة لمجرد الاشتباه الجمعي، يطرح أسئلة عميقة عن مستقبل العلاقات الدولية في ظل سياسات العزل والإقصاء.
إن الأيام القادمة كفيلة بكشف ما إذا كان القرار مجرد زوبعة سياسية لكسب أصوات انتخابية، أم أنه بداية لمرحلة جديدة من السياسات المتطرفة التي تتعارض مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. لكن الأكيد أن قرار ترامب لن يمرّ دون كلفة، وأن الشعوب لن ترضى بأن تُدرج في لوائح سوداء بسبب سياسات مغلقة لا ترى العالم إلا من منظور الخوف والتوجس.