بقلم: الصحافي حسن الخباز – مدير جريدة الجريدة بوان كوم
في حادثة مثيرة للسخرية والقلق في الآن نفسه، تداولت منصات التواصل الاجتماعي شريط فيديو صادم لسائق شاحنة من الوزن الثقيل، يقود مركبته على الطريق السيار وهو رافع رجليه فوق المقود، منشغلاً بهاتفه النقال، وكأنه في نزهة شخصية لا على متن وسيلة قد تتحول في لحظة إلى أداة قتل جماعي.
الفيديو أثار موجة غضب عارمة بين المواطنين، الذين عبروا عن استنكارهم لسلوك أرعن يعكس استهتاراً بالقانون وبأرواح مستعملي الطريق، مطالبين الجهات المختصة بضرورة محاسبته على فعلته غير المسؤولة.
غير أن المفارقة المثيرة للقلق، أن فئة من المراهقين والشباب تناقلوا الفيديو بفخر واعتزاز، معتبرين ما قام به “إنجازاً خرافياً” في عالم السياقة، وهو ما يكشف حجم الخطر الذي تشكله هذه النماذج في نشر ثقافة الطيش والاستهتار.
السائق، الذي كان يقود بسرعة جنونية، لم يكتفِ برفع رجليه عن المقود، بل كان يرد على مكالماته الهاتفية، ضارباً عرض الحائط بقواعد السلامة، ومهدداً حياة عشرات الأبرياء في الطريق السيار. ولو لا الألطاف الإلهية، لتحولت اللحظة إلى مأساة حقيقية.
هذه الواقعة ليست معزولة، فحوادث مماثلة موثقة بالصوت والصورة تُرتكب يومياً من طرف شباب على دراجات نارية وسيارات خاصة، بل وصل الأمر في مرات عديدة إلى حد محاصرة سيارات الأمن واستعراض الحركات البهلوانية أمام رجال الشرطة، دون أن يتم ردع هؤلاء بما يقتضيه القانون.
السائقون المهنيون أنفسهم استنكروا هذا السلوك واعتبروه إهانة لهم ولسمعة مهنتهم، مؤكدين أنه لا يمثلهم بأي شكل من الأشكال.
اليوم، وبعد أن تجاوز صدى الفيديو حدود المغرب ووصل إلى وسائل إعلام عربية كقناة العربية، التي بدورها طالبت بمحاسبة السائق، يبقى السؤال المطروح: هل تتحرك النيابة العامة وتفتح تحقيقاً عاجلاً في هذه النازلة؟
إن أقل ما يمكن القيام به في هذه الحالة هو سحب رخصة السياقة من المعني بالأمر، ليكون عبرة لغيره، وحتى يعلم الشباب أن الطيش والاستهتار ليسا بطولة، وإنما جريمة تهدد سلامة الجميع.