على خلفية إعلان حركة تقرير المصير في القبائل “ماك” والحكومة القبائلية في المنفى “أنافاد”، أواسط دجنبر الجاري، عن استقلال جمهورية القبائل الاتحادية عن الجزائر، عبرت فعاليات أمازيغية في شمال إفريقيا أو “بلاد تامازغا” عن تأييدها ودعمها الكامل لهذه الخطوة، باعتبارها نتيجة حتمية لعقود من الإقصاء والإنكار والقمع الممنهج الذي مارسه النظام الجزائري على الشعب القبائلي.
في هذا الصدد، قالت حركة “أكال” التونسية ذات الخلفية الأمازيغية، ضمن بيان لها، إن “إعلان حركة الماك الأمازيغية عن استقلال منطقة القبائل في شمال تامزغا (الجزائر حاليا) أثار ردود فعل مختلفة دون السعي لمعرفة المسار التاريخي لمنطقة القبائل والمواقف السابقة لحركة الماك في علاقة بالنظام العسكري في الجزائر وما تعرض له الأمازيغ من طمس للهوية واللغة والتاريخ وموجة التعريب الحكومي وزرع الفتنة والانتقام من الناشطين بالإخفاء والتعذيب والقتل وغيرها من الأساليب”.
وأضافت: “لكن المهم اليوم أن معركة الهوية الأصلية لتامزغا مازالت قائمة، ومواجهة سياسة التعريب والاحتواء جوبهت بالصد الحضاري الأصيل من أمازيغ القبائل، لكن أمام تعنت العسكر الجزائري والهروب إلى الأمام بات من الضرورة التاريخية بمكان الإعلان عن الانفصال النهائي والتام عن المشروع العروبي في الجزائر والانفصال عن المحاور الأخرى التي تعتبرها الجزائر تحالفاتها الاستراتيجية والتي بدأت تعود بالوبال على المنطقة”.
ومن منطلق دعم الأخوّة الأمازيغية داخل “تامازغا” وخارجها، هنأت الحركةُ التونسية ذاتها حركةَ “الماك” بإعلان استقلالها وقيام دولة مستقلة، موردة أنها ستصدر بيانا في الفترة القادمة يوضح موقفها بالتفاصيل.
من جهته، قال أشرف معمر، رئيس المكتب السياسي للحركة الأمازيغية الليبية لأجل الحكم الذاتي، في تصريح لهسبريس، إن “الحركة الأمازيغية في ليبيا تتابع باهتمام بالغ إعلان حركة الماك استقلال منطقة القبائل، وتعتبره نتيجة طبيعية لعقود طويلة من الإقصاء السياسي، والإنكار الهوياتي، ورفض الدولة الجزائرية الاعتراف الحقيقي بحقوق الشعب القبائلي كشعب أصيل له خصوصيته وحقه المشروع في تقرير مصيره”.
وأضاف المتحدث أن “ما يجري في منطقة القبائل ليس نزاعا عابرا ولا مسألة أمنية كما تحاول السلطة الجزائرية تصويره، بل هو صراع سياسي واضح مع نظام مركزي استبدادي قام منذ الاستقلال على فرض هوية واحدة وإقصاء كل ما هو أمازيغي. وعليه، فإن البعد الهوياتي للصراع هو نتيجة مباشرة لسياسات التهميش والتعريب القسري، وليس سببًا له”.
واعتبر معمر أن “أي ردٍّ قمعي أو تصعيدي غير محسوب من قبل السلطة الجزائرية سيؤدي إلى تفجير الأوضاع، وسيزيد من تآكل حقوق الأمازيغ، ليس في القبائل فقط، بل في كامل شمال إفريقيا، بما يهدد الاستقرار الهش في المنطقة في ظل التوترات الإقليمية القائمة”، مؤكدا على “الدعم الكامل لحق شعب القبائل في تقرير مصيره بوسائل سلمية وديمقراطية”، معتبرا أن “احترام هذا الحق هو المدخل الحقيقي للاستقرار، أما القمع والتخوين فلن يؤديا إلا إلى تعميق الأزمات وإطالة عمر الصراع”.
في سياق ذي صلة، أوضح أبو بكر أنغير، المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بالمغرب، أن “خطوة حركة تقرير مصير القبائل والحكومة القبائلية المؤقتة بإعلان الاستقلال عن الجزائر، هي نتيجة لممارسات السلطة المركزية في الجزائر التي أقصت كل المكونات الهوياتية والثقافية في البلاد عبر مراحل مختلفة وأحداث معروفة في تاريخ هذا البلد”.
وأكد الناشط الأمازيغي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الصراع في منطقة القبائل كان صراعا هوياتيا بامتياز في بداياته قبل أن يتحول إلى صراع سياسي بسبب الحملات القمعية التي قادها النظام الجزائري ضد أبناء هذه المنطقة من خلال الاعتقالات والملاحقات الأمنية وغيرها من الأساليب القمعية”.
وبيّن المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بالمغرب أن “استمرار مسلسل القمع ضد القبائل والقبائليين، بالتوازي أيضا مع استمرار الإنكار الرسمي الجزائري للتعدد الثقافي والهوياتي ومحاصرة كل مظاهر إبراز هذا التعدد وكل أشكال الممارسات القبلية في المنطقة، هو الذي أفضى إلى الانتقال إلى مطلب الاستقلال”.

