بقلم: الصحافي حسن الخباز
ما تزال آلة الحرب الصهيونية مستمرة في استباحة الدم الفلسطيني في قطاع غزة، حيث دخل العدوان يومه التاسع عشر، مخلفًا دمارًا هائلًا وقتلًا ممنهجًا للمدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، دون أن تميز بين المسعفين وعمال الإغاثة أو حتى المرضى.
وفي ظل هذه المجازر اليومية، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عبر فيديو موثق، حقيقة استهداف سيارات الإسعاف من قبل الجيش الإسرائيلي، بالرغم من إظهار هذه المركبات لعلامات الطوارئ الواضحة واستخدامها لأضواء الإنذار. وقد أكدت الصحيفة أن هذا القصف الوحشي أدى إلى استشهاد 15 مسعفًا في منطقة تل السلطان برفح جنوب القطاع، حسب ما أوردته تقارير أممية ومصادر فلسطينية رسمية.
الصحيفة الإسرائيلية واسعة الانتشار يديعوت أحرونوت بدورها لم تستطع تجاهل هذه الفضيحة، حيث اعترفت بأن الفيديو الذي نشرته نيويورك تايمز ينسف الرواية الرسمية للجيش الإسرائيلي، ويثير شكوكًا جدية حول صحة ادعاءاته. كما أوردت هيئة البث الإسرائيلية أن الفيديو يظهر بوضوح أن الطاقم الطبي كان يرتدي ملابس مميزة ويستخدم كافة إشارات الطوارئ، ما ينسف ادعاء الجيش بعدم علمه بالهوية الطبية للمستهدفين.
وأمام هذه الأدلة الدامغة، دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في هذا الاستهداف، وملاحقة مرتكبيه أمام محكمة الجنايات الدولية، كما طالب بإرسال لجان تقصي الحقائق وزيارة المقابر الجماعية التي تتكشف يوماً بعد آخر.
تواطؤ الشركات العالمية في الإبادة
وفي مشهد صادم، تتورط العديد من الشركات العالمية في دعم هذه الحرب الإجرامية، إما ماديًا أو عبر تقنيات وأدوات تساهم في تعزيز القوة العسكرية للاحتلال. ومن بين هذه الشركات تبرز أسماء مثل: ماكدونالدز، بيبسي، ومايكروسوفت.
وإذا كانت هذه الشركات تُتهم عادة في الكواليس، فإن المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد قررت كسر جدار الصمت، وفجّرت قنبلة من العيار الثقيل خلال احتفالية مايكروسوفت بذكرى تأسيسها الخمسين. ففي لحظة جريئة، قاطعت المهندسة المغربية المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي قائلة له بصوت عالٍ:
“أيديكم ملطخة بالدماء!”
اتهمت ابتهال الشركة بشكل مباشر بالتواطؤ في جرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين، مؤكدة أنها اطلعت على وثيقة داخلية مسربة تثبت تورط مايكروسوفت في دعم العمليات العسكرية للاحتلال، رغم الانتقادات الحقوقية المتكررة.
وقد لقيت هذه الخرجة الشجاعة تفاعلاً واسعاً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن المهندسة المغربية جسدت صوت الضمير داخل كبرى شركات التكنولوجيا. واعتُبر موقفها النبيل صرخة في وجه الصمت الدولي و”طعنة من الداخل” لمخططات التواطؤ.
وفي المقابل، التزمت شركة مايكروسوفت الصمت ولم تُصدر أي بيان توضيحي أو رد رسمي على هذه الاتهامات الخطيرة، مما فسره العديدون على أنه إقرار ضمني بصحة ما ورد على لسان المهندسة المغربية.
الموقف العربي… لا جديد!
وفيما تعلو الأصوات الحرة في الغرب للتنديد بالمجازر الإسرائيلية، يبقى الموقف الرسمي العربي جامداً، لا يراوح مكانه. صمت مُخجل يوازي صراخ الأمهات تحت الأنقاض، وعجز غير مبرر أمام المآسي اليومية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني نزحوا قسرًا من ديارهم، وفق ما ذكرته وكالة الأونروا، في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة.
فهل ننتظر حتى يُباد الشعب الفلسطيني بالكامل لنفيق؟
متى سيتحرك الضمير العربي؟
ومتى نرى المواقف الرسمية ترتقي إلى تضحيات الشعوب وتطلعاتها في الوقوف مع الحق والعدل؟
أسئلة مؤلمة تبقى بلا أجوبة… حتى إشعار آخر.