بقلم: الصحافي حسن الخباز
أثار ظهور الفنان المصري محمد رمضان خلال حفله الأخير بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو يرتدي زياً يشبه أزياء الراقصات، موجة واسعة من الانتقادات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. الحدث اعتُبر مسيئًا لصورة الفنان العربي، وأثار غضبًا في الشارع المصري والعربي على حد سواء، خاصة بعد تداول مقاطع مصورة للعرض اعتبرها الكثيرون صادمة ومسيئة للذوق العام.
الحفل الذي نظمه ضمن فعاليات مهرجان “كوتشيلا”، شهد أيضًا رفع محمد رمضان للعلم المصري بطريقة غير لائقة، وهو ما اعتبره البعض “تدنيسًا” لرمزية العلم الوطني، مما دفع اتحاد النقابات الفنية في مصر إلى الإعلان عن نيته متابعة القضية رسميًا.
رمضان حاول لاحقًا امتصاص الغضب، فقام بحذف عدد من المقاطع المصورة من حساباته الرسمية، وعلّق على الجدل بالقول إن زيه مستوحى من تماثيل الفراعنة، ومصنوع من “الفضة” ويعود تصميمه إلى المصممة فريدة تيمراز. إلا أن المبررات لم تُقنع الرأي العام، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن المصري، بينما يعيش بعض الفنانين حياة الرفاه المبالغ فيها.
الجدل المتجدد حول سلوكيات بعض المشاهير العرب، يعيد إلى الواجهة النقاش القديم حول دور الفن والفنانين في التأثير على القيم والسلوك المجتمعي، وخاصة لدى فئة الشباب. فهل يمكن اعتبار هذا النوع من العروض مجرد حرية تعبير فنية، أم أنه انحراف خطير عن رسائل الفن النبيلة، يستوجب مساءلة مجتمعية وقانونية؟
يتساءل كثيرون اليوم: إلى أي حدّ يمكن للمشاهير أن يستمروا في تصدّر المشهد، بينما يروّجون لصورة مائعة عن “الرجولة” والفن والهوية العربية؟ وهل تحوّل بعض الفنانين إلى أدوات ترويج غير مباشر لأنماط ثقافية دخيلة تُضعف مناعة المجتمعات وتُربك مرجعياتها الأخلاقية والدينية؟
الواضح أن مسؤولية الحد من هذا الانحدار لا تقع على المؤسسات الفنية فقط، بل يجب أن تتضافر جهود المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والأسر، لتوجيه الشباب نحو نماذج إيجابية تُعزز من القيم الأصيلة.
وفي النهاية، فإن المعركة الحقيقية ليست ضد محمد رمضان كشخص، بل ضد كل أشكال الترويج للسطحية والانفلات الأخلاقي تحت غطاء الفن. فالفن رسالة، ومن يخرج عن سياق هذه الرسالة يتحمّل مسؤولية الانحراف، خاصة عندما يكون في موقع تأثير جماهيري واسع.