spot_img

ذات صلة

كل المقالات

إبن أحمد على صفيح ساخن… الشرطة تقترب من فك لغز “فاجعة المرحاض”

✍️ المراسل: حجاج نعيم – إبن أحمد، إقليم سطات في...

الحسيمة تحتفي بالتربية الدامجة عبر دورة تكوينية لتعزيز مبدأ “التعلم للجميع”

مراسلة: هشام مساعد في إطار الحملة الجهوية التواصلية للتربية الدامجة،...

سلسلة “الواقع والمواقع “ الحلقة 14 : شرطي يقتل أمريكي من أصول إفريقية.

“الواقع والمواقع “… سلسلة مقالات ننشرها حصريا في جريدة “ديريكت بريس” للتسلية والترفيه وأيضا للتوعية والتثقيف، حيث نرصد من خلالها تفاصيل حدث خلق ضجة إعلامية كبيرة، انطلاقا من مواقع التواصل الاجتماعي، لنتتبع خيوط تأثيره على ردود أفعال المواطنين وصناع القرار في العديد من دول العالم.

بقلم : رشيد صفـَـر

الحلقة 14 : شرطي يقتل أمريكي من أصول إفريقية.

في زمن لم يعد فيه أي حدث بالشارع العام، يمر دون أن تلتقطه عدسة هاتف نقال، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى محكمة شعبية مفتوحة على مدار الساعة، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تُصدر الأحكام قبل أن تُرفع القضايا إلى المحاكم، وبعد كل ضجة تتسرب للعالم الافتراضي يكثر الضغط الجماهيري في لمح البصر.

من بين القضايا التي هزت العالم، مأساة جورج فلويد عام 2020 بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ لم يكن الأمر مجرد حادثة اعتداء ضد مواطن أمريكي من أصول إفريقية على يد شرطي، بل تحول إلى شرارة أشعلت نقاشا عالميا حول العنصرية، وعنف الشرطة، والعدالة الاجتماعية. تمكن فيديو مدته تسع دقائق، من التأثير في قلوب الملايين، وتحولت الشاشات الصغيرة إلى ساحات غضب عالمية.

لكن من هو جورج فلويد؟ ولماذا تحولت قصته إلى رمز للعدالة في العصر الرقمي؟ وكيف استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي تحويل المأساة إلى حراك عالمي؟ وهل تمت محاكمة الشرطي ؟.

جورج فلويد

كان جورج بيري فلويد (1973-2020) مواطنا أمريكيا من أصول إفريقية، ولد في في Fayetteville بولاية نورث كارولينا ونشأ في هيوستن، تكساس.
عمل فلويد في مجالات مختلفة، بما في ذلك الحراسة والأمن، وكان معروفا بشخصيته الودودة. قبل موته، كان يحاول إعادة بناء حياته بعد سلسلة من الصعوبات والمشاكل الشخصية.
تفاصيل الحادثة

في 25 مايو 2020، تلقّت الشرطة في مينيابوليس، مينيسوتا، بلاغا عن استخدام جورج فلويد لورقة نقدية مزورة بقيمة 20 دولارا في متجر. وصل أربعة ضباط إلى المكان، وقاموا باعتقال فلويد. أثناء عملية الاعتقال، طرح الضابط ديريك شوفين فلويد على الأرض وجثا بركبته على عنقه لمدة 9 دقائق و29 ثانية، رغم استنجاد فلويد وصرخاته المتكررة : “لا أستطيع التنفس”.

كان المشهد مروعا، وتم توثيقه من طرف مارة استعملوا هواتفهم لرصد الواقعة، حيث استمر فلويد في الاستنجاد بحياته حتى فارق الوعي ونُقل إلى المستشفى، لكنه تُوفي بعد فترة قصيرة.

لو لم تُوثق الحادثة، لربما كانت ستنضم إلى قائمة طويلة من انتهاكات الشرطة التي تمر مرور الكرام. انتشر الفيديو بسرعة على منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، وتحوّل هاشتاغ #BlackLivesMatter إلى صرخة عالمية.
في غضون ساعات، شارك الملايين الفيديو، مطالبين بالعدالة حيث أصبح الضغط الرقمي أداة لمحاكمة علنية، ما أجبر السلطات على التحرك.

تفاعل مع النداء لمحاكمة الشرطي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المشاهير والسياسيون، والمنظمات الحقوقية، مما زاد من حجم التغطية والضغط الشعبي. لم يعد بإمكان الجهاز الأمني والحكومة تجاهل الأمر، خاصة مع خروج الآلاف في احتجاجات محلية ودولية.

التضامن الافتراضي مع الضحية

لم يقتصر تأثير القضية على التعاطف أو التغريدات، بل تحوّل إلى حراك ميداني، إذ اندلعت احتجاجات في جميع الولايات الأمريكية، وامتدت إلى مدن كبرى حول العالم، من لندن إلى سيدني. رفع المحتجون شعارات مثل “لا أستطيع التنفس” و”حياة السود مهمة”.

أمام هذا الضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تم أولا إيقاف الضباط الأربعة عن العمل، قبل اعتقالهم وتوجيه التهم إليهم.
في أبريل 2021، أُدين الشرطي ديريك شوفين بتهمة القتل العمد من الدرجة الثانية، وحُكم عليه بالسجن لمدة تفوق 22 سنة بأشهر قليلة، وهو حكم تاريخي اعتُبر انتصارا للعدالة رغم الجدل حول مدة ونوعية الحكم القضائي.

كشفت قضية جورج فلويد، أن العدالة لم تعد تتحقق فقط في قاعات المحاكم، بل في ساحات الإنترنت، و أصبح من الواضح أن التوثيق الفوري والنشر على وسائل التواصل يمكن أن يسرع من إجراءات تحقيق العدالة ومعاقبة المعتدين، و وفقا لتقارير صادرة عن منظمة دولية، ساهم الضغط الرقمي في إعادة فتح ملفات قضايا أخرى مشابهة.

في النهاية، لم تكن قضية جورج فلويد مجرد حادثة عنف ارتكبها شرطي، بل لحظة فارقة في التاريخ الحديث، حيث أدرك العالم أن الصوت الافتراضي يمكن أن يهز أقوى الأنظمة. رغم أن العدالة تحققت جزئيا، فإن النضال من أجل المساواة والإنصاف ما زال مستمرا.
من المعلوم أن معاقبة الشرطي وأن أي حكم عليه كيفما كان نوعه وشكله، لم و لن يعيد جورج فلويد إلى الحياة، لكن ذكراه ستبقى رمزا للعدالة الرقمية في مواجهة الظلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img