spot_img

ذات صلة

كل المقالات

حملة فايسبوكية لغزو منطقة عسكرية بالولايات المتحدة الأمريكية.

سلسلة الواقع والمواقع .. في عصر التطور التكنولوجي والاتصال الفوري،...

لأول مرة بطل مغربي يوقع عقدا إحترافيا مع أكبر فريق إسباني للدراجات النارية

يواصل البطل المغربي المتألق أنس صورمات نجاحاته في مجال...

ريال مدريد يعبر أتلتيكو بركلات الترجيح ويتأهل إلى ربع نهائي دوري الأبطال

ايوب الهوري. شهدت قمة العاصمة الإسبانية مواجهة ملحمية امتدت 120...

السودان يواجه أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم!

✍️ تسنيم الريدي في ظل التهميش الإعلامي، يعاني السودان من...

ضباب لندن في السماء وضباب حي البرنوصي على سطح الأرض

رشيد صفــَـر

الصورة : ضباب لندن ورغوة حي البرنوصي بالدار البيضاء.

في مشهد غريب أثار فضول سكان حي البرنوصي بالدار البيضاء، ظهرت مؤخرا كميات كبيرة من “الرغوة” البيضاء وهي تغطي بعض الشوارع والأزقة، وهناك من شبهها بالضباب، مما دفع الكثيرين للتساؤل عن مصدرها وطبيعتها، وهل هي ظاهرة طبيعية أم نتيجة تلوث صناعي !؟.
لطالما ارتبط اسم لندن بالضباب الكثيف الذي يلف شوارعها في الصباح الباكر، وهو ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل غالبا ما يكون نتيجة للتلوث الهوائي، ففي منتصف القرن العشرين، شهدت العاصمة البريطانية واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخها، وقد عُرفت باسم “الضبخان العظيم” لسنة 1952.
الضبخان هو مصطلح مركب من “الضباب والدخان” ويستخدم للإشارة إلى الضباب الكثيف الذي يكون محملا بالجسيمات السامة أو الملوثات، خاصة في المناطق الصناعية أو التي تشهد مستويات عالية من التلوث الهوائي.

عام 1952 شهدت لندن “الضبخان العظيم” أو ما يُعرف بـ “The Great Smog of 1952”. كانت هذه واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخ المدينة، ففي دجنبر 1952، تراكم الضباب الكثيف المحمّل بالدخان الناتج عن احتراق الفحم، وهو مصدر رئيسي للطاقة في ذلك الوقت، وانتشر في الشوارع بسبب الطقس البارد والرطوبة العالية.

تسبب الضبخان في تدهور جودة الهواء بشكل خطير، مما أدى إلى صعوبة في التنفس وانتشار أمراض تنفسية حادة، يُعتقد أن أكثر من 4,000 شخص توفوا بسبب الآثار الصحية للضبخان، بينما تسببت الكارثة في تأثيرات طويلة المدى على السياسات البيئية في بريطانيا، بما في ذلك إقرار قوانين للحد من التلوث مثل قانون الهواء النظيف في عام 1956.

في العصر الحالي تراجعت ظاهرة الدبخان بفضل التشريعات البيئية الصارمة، لكن الضباب لا يزال جزءا من هوية لندن، خاصة في الشتاء عندما تلتقي برودة الهواء مع الرطوبة العالية.
على النقيض من الضباب الذي يملأ سماء لندن، وجد سكان البرنوصي أنفسهم أمام مشهد غير مألوف، وهو انتشار رغوة بيضاء في الشوارع كما لو أن أمواج البحر قررت اجتياح اليابسة ورمت زبدها في البرنوصي، لقد تباينت التفسيرات بين من رجح كونها ناتجة عن تصريف مواد كيماوية من المصانع القريبة، أو نتيجة تفاعل كيميائي في مياه الصرف الصحي، أو حتى بسبب استخدام مفرط للمنظفات الصناعية في بعض الوحدات الإنتاجية.

تشير مصادر عاينت انتشار الرغوة بحي البرنوصي أن السلطات المعنية سارعت إلى أخذ عينات من هذه المادة، لتحليلها والتأكد من مدى خطورتها على الصحة العامة والبيئة.
رغم أن مشهد الرغوة الكثيفة في الشارع قد يبدو مثيرا للدهشة، إلا أن مثل هذه الظواهر ليست جديدة في بعض المناطق الصناعية، حيث يمكن أن يؤدي اختلاط بعض المواد الكيميائية إلى تكوين رغوة تنتشر مع الرياح.
وختاما .. إذا كان ضباب لندن قد شكل ناقوس خطر أدى إلى إصلاحات بيئية واسعة، فإن رغوة البرنوصي ربما تكون تذكيرا بضرورة تشديد الرقابة البيئية على المصانع والتأكد من احترامها للمعايير الصحية. فبين الضباب الذي يخنق السماء والرغوة التي تزحف على الأرض، يبقى التحدي البيئي حاضرا بقوة، ويحتاج إلى وعي جماعي وسياسات حازمة تحمي صحة الإنسان والطبيعة على حد سواء.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img