spot_img

ذات صلة

كل المقالات

إبن أحمد على صفيح ساخن… الشرطة تقترب من فك لغز “فاجعة المرحاض”

✍️ المراسل: حجاج نعيم – إبن أحمد، إقليم سطات في...

الحسيمة تحتفي بالتربية الدامجة عبر دورة تكوينية لتعزيز مبدأ “التعلم للجميع”

مراسلة: هشام مساعد في إطار الحملة الجهوية التواصلية للتربية الدامجة،...

عندما هددت “دودة” سمعة شركة عملاقة للأثاث في دولة الهند

سلسلة الواقع والمواقع ..

في عصر التطور التكنولوجي والاتصال الفوري، لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتفاعل بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل فقط، بل أصبحت فضاء لصناعة وتشكيل الرأي العام، وإشعال النقاشات الكبرى، والتأثير في القرارات السياسية، فقد تتحول تغريدة أو مقطع فيديو قصير إلى قضية وطنية أو أزمة دولية.

“الواقع والمواقع “… سلسلة مقالات ننشرها حصريا في جريدة “ديريكت بريس” للتسلية والترفيه وأيضا للتوعية والتثقيف، حيث نرصد من خلالها تفاصيل حدث خلق ضجة إعلامية كبيرة، انطلاقا من مواقع التواصل الاجتماعي، لنتتبع خيوط تأثيره على ردود أفعال المواطنين وصناع القرار في العديد من دول العالم.
بقلم : رشيد صفــَـر

الحلقة 8 :عندما هددت “دودة” سمعة شركة عملاقة للأثاث في دولة الهند

قصة الحلقة تتعلق بشركة عالمية متعددة الجنسيات متخصصة في بيع الأثاث الجاهز للتجميع، الأدوات المنزلية، والديكورات الداخلية. تأسست هذه الشركة عام 1943، وهي اليوم واحدة من أكبر شركات الأثاث في العالم.

في شهر غشت 2022، بعد أقل من شهر واحد من افتتاح أول متجر لشركة عالمية في مدينة حيدر أباد الهندية، تفجرت أزمة غير متوقعة هددت سمعة هذه الشركة العملاقة.
السبب؟ “دودة صغيرة” وُجدت في طبق أحد الزبائن أثناء تناوله طعامه في مطعم المتجر. لكن ما كان يمكن أن يكون مجرد حادث عادي تحول بسرعة إلى محور حديث مواقع التواصل الاجتماعي، ليكتسح تويتر وفيسبوك في ساعات قليلة.

في منتصف اليوم، نشر الزبون إبراهيم باتيل الصورة المزعجة على حسابه الشخصي، مما جعلها تنتشر كالنار في الهشيم. لم يكن يدري أن هذه الصورة ستجعل الشركة العملاقة تواجه عاصفة من الانتقادات، وتضطر للاعتذار علنا، بل ودفع السلطات الصحية الهندية للتدخل في القضية. كل ذلك حدث بينما كانت “الشركة” تحتفل بدخول السوق الهندية بنجاح، لتجد نفسها في موقف دفاعي غير مسبوق.

القصة

في يوم من أيام شهر غشت 2022، دخل الزبون “إبراهيم باتيل”، إلى المطعم التابع لمتجر الشركة العملاقة بمدينة “حيدر أباد” بالهند، ، وهو متحمس لتجربة الأطباق الشهيرة التي تقدمها الشركة لعملائها حول العالم. طلب وجبة الأرز مع كرات اللحم السويدية، وجلس ليأكل. لكن بدلا من أن يستمتع بوجبة شهية، وجد نفسه أمام مشهد مقزز، حيث عثر على دودة صغيرة تتحرك بين حبات الأرز.

لم يفكر الزبون كثيرا إذ أخرج هاتفه، ثم التقط صورة قريبة للطبق، وكتب على حسابه في تويتر :

“ذهبت لشراء الأثاث، وانتهى بي الأمر بالحصول على بروتين إضافي غير مرغوب فيه !”.

لم يكن إبراهيم باتيل يدري أن هذه التغريدة ستشعل موجة هائلة من التفاعل، وستنتشر بسرعة مذهلة، محققة آلاف المشاركات والتعليقات الغاضبة والمتهكمة.

“الشركة العملاقة” تحت النيران الرقمية

لم يقتصر الأمر على التعليقات الساخرة، بل تصاعدت الحملة سريعا، حيث بدأ المستخدمون في مشاركة قصص سابقة عن مشكلات النظافة في مطاعم الشركات العالمية، مطالبين بفتح تحقيق رسمي في معايير سلامة الغذاء داخل إيكيا.
دعا بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة المطعم، فيما رأى آخرون أن الواقعة تكشف ضعف إدارة الجودة في فرع “الشركة” الهندي، خاصة أن المتجر لم يكن قد أكمل شهره الأول منذ الافتتاح.
كانت الشركة العالمية المعنية، مشغولة آنذاك باحتفالها بنجاح دخولها السوق الهندية، وجدت نفسها فجأة في موقف دفاعي صعب، حيث لم يكن بإمكانها تجاهل الضجة المتزايدة.

الاعتذار الرسمي والاحتواء السريع

بعد ساعات فقط، أصدرت الشركة اعتذارا رسميا جاء فيه:
“نحن في الشركة “كذا وكذا” نأخذ جودة الطعام وسلامته على محمل الجد. نشعر بالأسف الشديد لما حدث لعميلنا في حيدر أباد، ونعمل على مراجعة الأمر لضمان عدم تكراره. لقد تواصلنا مع العميل وقدمنا اعتذارنا الصادق”.

لم يكن الاعتذار كافيا لإخماد الغضب الرقمي، خاصة بعد أن دخلت على الخط السلطات الهندية المتخصصة في السلامة الصحية ومراقبة الجودة، حيث أعلنت إرسال فريق تفتيش صحي إلى المطعم، في خطوة زادت من الإحراج الذي واجهته “إيكيا”.

من نجاح مبهر إلى أزمة غير متوقعة.

لم يكن اختيار الهند ضمن خطط توسع “شركة الأثاث العملاقة” مجرد صدفة، فقد استثمرت الشركة 1.5 مليار دولار لدخول السوق الهندية، وهذا الرقم يعادل تقريبا 15.9 مليار درهم مغربي بناء على سعر التحويل البالغ 10.6 درهم لكل دولار أمريكي كمثال.
كانت الشركة العالمية قد افتتحت أول متجر لها في حيدر أباد وسط تغطية إعلامية ضخمة، وبعد أقل من شهر، وجدت نفسها حينها في أزمة غير متوقعة، بسبب صورة واحدة على تويتر.
هذه الحادثة تلخص كيف أن الشركات لم تعد تتحكم في سمعتها بنفسها، بل أصبحت تحت رحمة ردود الفعل في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لمنشور بسيط أن يُحدث تأثيرا يفوق أي حملة دعائية مضادة.

المواقع تُحاكم الواقع

قبل عقدين من الزمن، كان العميل غير الراضي عن خدمته سيكتفي بتقديم شكوى، وربما لن يسمع بها أحد. اليوم، تغريدة واحدة يمكن أن تصل إلى ملايين الأشخاص في ساعات، وتتحول إلى أزمة دولية في أقل من يوم.

الحادثة كشفت مدى هشاشة سمعة الشركات في العصر الرقمي، حيث أصبح العملاء العاديون أكثر قوة وتأثيرا، بينما تحتاج الشركات إلى استراتيجيات أكثر سرعة وذكاء في التعامل مع الأزمات.

لم تكن المشكلة مجرد دودة في طبق طعام، بل الحقيقة الصادمة التي فرضها الواقع الرقمي: السمعة في عصر السوشيال ميديا تُبنى خلال سنوات، لكنها قد تنهار في يوم واحد.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img