قصة جدل يتكرر سنويًا في تحديد المناسبات الدينية**
✍️ بقلم: الصحافي حسن الخباز
كما هو الحال كل عام، يثار الجدل مجددًا حول اختلاف الدول العربية في تحديد المناسبات الدينية، مثل بداية شهر رمضان، وعيد الفطر، وعيد الأضحى. ويتساءل الكثيرون: لماذا لا تتوحد الدول الإسلامية على الأقل في المجال الديني؟
هذه السنة، وجد المغرب نفسه مرة أخرى في موقف مختلف عن باقي الدول العربية، بعدما أعلن أن يوم الأحد هو أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ، بينما اعتمدت جميع الدول العربية تقريبًا يوم السبت كبداية للشهر الفضيل. هذا الاختلاف أثار نقاشًا واسعًا، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهم البعض المغرب بالخروج عن الإجماع واتخاذ موقف منفرد.
لكن، هل للأمر علاقة بالسياسة، أم أن المغرب يعتمد على معايير علمية دقيقة؟
المغرب و”سلطنة عمان”.. الأكثر دقة في تحري الأهلة
على عكس ما يظنه البعض، فإن تحديد موعد بداية شهر رمضان في المغرب ليس قرارًا سياسيًا، بل يستند إلى منهج علمي صارم يجمع بين الرؤية الشرعية والمراقبة الفلكية، تمامًا كما هو الحال في سلطنة عمان، التي تعدّ بدورها من أكثر الدول دقة في هذا المجال.
ويعتمد المغرب في تحديد بداية الأشهر الهجرية على الحديث النبوي الشريف:
“صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم فأتموا عدة شعبان ثلاثين يومًا”.
وبناءً على ذلك، يقوم المغرب بمراقبة الهلال عبر أكثر من 270 نقطة رصد منتشرة في مختلف أنحاء المملكة، ويشارك في عملية التحري عدد من القضاة، والعدول، وعناصر القوات المسلحة الملكية، لضمان دقة الرؤية.
المغرب يُخضع رؤية الهلال لمعايير علمية دقيقة
يعد المغرب من الدول الرائدة في مجال المراقبة الفلكية للأهلة، وهو ما أكده العديد من الخبراء الدوليين، من بينهم الخبير الفلكي محمد عودة، الذي أشاد بالدقة العالية التي تعتمدها المملكة في هذا المجال.
ويتم الإعلان عن نتائج التحري مباشرة عبر وسائل الإعلام الرسمية، خلافًا لعدد من الدول العربية التي تعتمد على شهادات فردية للمواطنين دون أن يكون هناك إطار علمي وتقني صارم لضبط هذه العملية.
كيف تحدد وزارة الأوقاف المغربية بداية شهر رمضان؟
تتولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الإشراف على عملية تحري الهلال من خلال لجنة متخصصة، تجمع بين الشرعيين والفلكيين، حيث تعقد اجتماعات دورية كل شهر لدراسة التقويم الهجري ومواقيت الصلاة، إضافة إلى إرسال لجان مراقبة محلية إلى مختلف مناطق البلاد لجمع المعطيات قبل اتخاذ القرار الرسمي.
وبفضل هذه الآلية الدقيقة والمنهجية الصارمة، تمكن المغرب أكثر من مرة من إثبات صحة قراراته في تحديد بداية شهر رمضان، في حين تبين لاحقًا أن بعض الدول العربية استعجلت في إعلان دخول الشهر دون توفر شروط الرؤية الشرعية.
هل أخطأت الدول العربية في إعلان رمضان هذا العام؟
هذا العام، ورغم أن أغلب الدول العربية لم تتم 30 يومًا من شهر شعبان، إلا أنها أعلنت يوم السبت أول أيام رمضان، مع أنها لم تتمكن من رؤية الهلال بالعين المجردة.
في المقابل، أعلن المغرب منذ يوم الجمعة أن هلال رمضان لم يُرَ، وبالتالي أكمل عدة شعبان 30 يومًا، ليكون يوم الأحد هو أول أيام رمضان. وكانت موريتانيا هي الدولة العربية الوحيدة التي وافقت المغرب في هذا القرار.
المغرب.. دولة في أقصى الغرب لكنها الأكثر دقة
رغم أن المغرب يقع جغرافيًا في أقصى الغرب الإسلامي، إلا أنه يُعد من أكثر الدول دقة وانضباطًا في تحديد المواقيت الدينية، بشهادة العديد من الخبراء.
ويبقى السؤال المطروح كل عام:
هل المشكلة في دقة المغرب، أم في استعجال بعض الدول الأخرى؟
🔹 في النهاية، يبقى المغرب ملتزمًا بالعلم والشرع معًا، بعيدًا عن الحسابات السياسية أو الضغوط الخارجية، ما يجعل قراراته أكثر مصداقية وأقرب إلى الصواب.