✍️ بقلم: حسن الخباز
تحولت قضية قائد تمارة من حادث أثار تعاطف المغاربة إلى جدل واسع، بعد تقديمه شهادة طبية تثبت عجزًا لمدة 30 يومًا، وهو ما اعتبره الكثيرون “مبالغة غير منطقية” أثارت التساؤلات حول مدى مصداقية هذه الوثيقة الطبية.
القضية التي بدأت بمقطع فيديو يوثق تعرض القائد لصفعة من إحدى المواطنات، سرعان ما أخذت منحى مختلفًا، بعد تداول مقاطع أخرى أظهرت تعرض شقيق الفتاة – وهو مريض بالسكري – لتدخل عنيف من طرف القائد وأعوانه، إضافةً إلى رمي هاتفها أرضًا أثناء محاولتها توثيق الواقعة.
شهادة تثير الشكوك و”خبرة مضادة” مطلوبة
أثارت الشهادة الطبية المقدمة من القائد استغراب العديد من الفاعلين القانونيين والأطباء، إذ اعتبر البعض أن تحديد مدة العجز بشهر كامل بسبب صفعتين أمر يفتقد للمنطق، خصوصًا في غياب أي إصابات جسدية ظاهرة، مثل الجروح أو الكدمات التي عادةً ما تؤخذ بعين الاعتبار في مثل هذه الحالات.
هذا الأمر دفع المحامية سعاد المولوع إلى المطالبة بإجراء خبرة طبية مضادة، معتبرةً أن مدة العجز المذكورة في الشهادة غير متناسبة مع طبيعة الواقعة التي شاهدها الجميع. وأكدت أن “العدالة لا يمكن أن تُبنى على شهادات طبية لا تعكس حقيقة الأضرار”، في حين شددت المحامية الكَمراوي على أن “مثل هذه الوثائق تؤثر على ميزان العدالة وقد تُستغل لإصدار عقوبات مشددة في غير محلها”.
هل الضرر نفسي أم جسدي؟
وفي مقابل التشكيك في الشهادة الطبية، يرى البعض أن العجز الممنوح للقائد قد يكون مرتبطًا بـالضرر النفسي الذي لحق به بعد تعرضه للصفع أمام الملأ، خاصةً أن الواقعة تم توثيقها وانتشرت على نطاق واسع. إلا أن هذا الطرح يواجه معارضة من قانونيين، الذين يشيرون إلى أن “الشهادات الطبية المتعلقة بالجانب النفسي يجب أن تصدر عن أطباء مختصين في المجال وليس من طرف أطباء عامين”.
دعوات للإصلاح ومحاسبة المتلاعبين بالشهادات الطبية
ما زالت هذه القضية مفتوحة على عدة سيناريوهات، لكن ما أجمع عليه المراقبون هو ضرورة إصلاح نظام الشهادات الطبية، الذي أصبح يستغل في بعض الأحيان كوسيلة لتشديد العقوبات أو التأثير على سير العدالة.
ويؤكد العديد من المحامين أن الحل يكمن في فرض خبرة طبية مضادة بشكل تلقائي في القضايا المثيرة للجدل، لضمان عدالة الأحكام وعدم السماح لأي طرف باستغلال ثغرات قانونية لخدمة مصالحه.
في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل ستدفع هذه الواقعة إلى مراجعة طريقة اعتماد الشهادات الطبية في المحاكم؟ أم أن الجدل سينتهي كما بدأ دون أي إصلاح يُذكر؟