بقلم: الصحافي حسن الخباز.
تشهد تركيا حالة من التوتر السياسي مع سلسلة من الاعتقالات التي أُعلنت منذ الثلاثاء الماضي، وعلى رأسها اعتقال أحد أبرز معارضي الرئيس التركي رجب طيب أردوكان، وهو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يعد أحد أقوى رموز المعارضة في البلاد. في أعقاب اعتقال أوغلو، ظهرت آراء متباينة؛ فبعض المحللين يرون أن هذه الخطوة تُعد حملة صارمة لمحاربة الفساد المالي والنظامي الذي طال البلاد لسنوات، بينما يرى آخرون أنها محاولة لتصفية المنافس السياسي الأكبر لأردوكان، مما يُعزز سيطرة النظام الحالي على الساحة السياسية.
ومن جهة أخرى، جاءت الاعتقالات ضمن حملة أوسع لاستهداف رؤوس عتات فسادٍ في البلاد، إذ أكدت النيابة العامة أن حجم الفساد المالي الذي تورط فيه أوغلو بلغ 560 مليار ليرة تركية، فيما تورطت شركات تابعة لبلديته في مخالفات تشمل التلاعب بالمناقصات والاحتيال المالي. كما أُثيرت فضائح أخرى تمس فسادًا نظاميًا بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر أشخاصًا من داخل مقر حزب الشعب الجمهوري وهم يفرزون مبالغ مالية ضخمة، ما أثار موجة من الاتهامات بأن هذه الأموال تُستغل لتحقيق مكاسب انتخابية عبر استقطاب أصوات جديدة، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات.
في ظل هذه الأحداث، يتباين رد الفعل الشعبي؛ فمن جهة، هنأ مؤيدو النظام على اتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي للفساد، معتبرين أن هذه الخطوات ستعيد الثقة في المؤسسات الحكومية، بينما من جهة أخرى، أعرب معارضو النظام عن قلقهم من أن هذه الاعتقالات قد تُستخدم كأداة سياسية لقمع المعارضة وتصفية المنافسين، مما يُفاقم الانقسامات داخل الساحة السياسية التركية.
يبقى السؤال الأبرز مع مرور الأيام: هل تُعد هذه الاعتقالات بمثابة حملة شاملة لمحاربة الفساد ممنهجة، أم أنها محاولة ممنهجة لتصفية منافس سياسي قوي يُهدد النظام؟ وستظل الإجابة معلقة على نتائج التحقيقات الجارية والإجراءات القضائية التي ستتخذها السلطات التركية في الفترة المقبلة، فيما يترقب المواطنون والمراقبون السياسيون تأثير هذه الخطوات على مستقبل الديمقراطية في تركيا.