متابعة:رجاء العلوي.
تجد شركة آبل نفسها اليوم في قلب معادلة معقدة بين النجاح الصناعي الذي حققته عبر شراكتها الطويلة مع الصين، والضغوط المتزايدة من واشنطن لفك هذا الارتباط في ظل التوترات الجيوسياسية.
كتاب جديد بعنوان “آبل في الصين” يكشف كيف نقلت الشركة الأميركية معرفتها الهندسية وتقنياتها الحيوية إلى قلب الصين منذ بداية الألفية، مما جعلها جزءاً محورياً في نجاح برنامج “صنع في الصين 2025”. لكن هذا النجاح تحول تدريجياً إلى قيد خانق يصعب الانفكاك منه.
فبحسب الكاتب باتريك ماكجي، فإن آبل “منحت الصين هدية النار”، في إشارة إلى تزويدها بالمعرفة التقنية، مقابل بيئة تصنيعية متكاملة لم تستطع الولايات المتحدة نفسها توفيرها. واليوم، باتت الصين تشكل نحو 80% من إنتاج آيفون و17% من عائدات الشركة السنوية، وفق الخبير الاقتصادي هاشم عقل.
ورغم محاولات التنويع باتجاه الهند وفيتنام، فإن آبل لا تزال تعتمد على شبكة الموردين والمصانع التي بنتها الصين على مدى عقود، بدعم من شركات مثل “فوكسكون” والعمالة المهرة التي لا تُضاهى.
في المقابل، تواجه الشركة ضغوطاً من صناع القرار في واشنطن، خاصة من الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي هدد بفرض رسوم جمركية إذا لم تُعِد آبل تصنيع منتجاتها إلى الأراضي الأميركية.
لكن أي انسحاب مفاجئ من الصين قد يكلف آبل خسائر بمئات المليارات، ويعرضها لمقاطعة السوق الصينية أو قيود رسمية، خصوصاً أن منافسين محليين مثل هواوي وشاومي يترصدون أي فراغ محتمل لتعزيزه.
وفي ظل تشويش جيوسياسي عابر للقارات، قد تضطر آبل إلى مواصلة التوازن الصعب: البقاء في الصين لصون قوتها الإنتاجية، ومغازلة واشنطن لتفادي غضب السياسة.
إنها “شراكة ضرورة” لا خيار، في انتظار لحظة التحول الكبرى التي قد لا تأتي قريباً.