بقلم: حسن الخباز – مدير جريدة الجريدة بوان كوم
عرفت الزوايا بالمغرب مكانة تاريخية واجتماعية بارزة، غير أن الجدل حول أدوارها ومصادر تمويلها عاد بقوة إلى الواجهة، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الزاوية البوتشيشية بمداغ، إحدى أكبر الزوايا الصوفية بالمملكة.
منذ وفاة الشيخ جمال الدين، برزت خلافات واضحة بين أفراد العائلة حول مسألة الخلافة، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أتباع الزاوية ومريديها داخل المغرب وخارجه. هذا الصراع وصل إلى حد توجيه رسائل إلى المؤسسة الملكية للتدخل باعتبار الملك أمير المؤمنين، من أجل حسم الخلاف الداخلي وضمان استمرار الاستقرار داخل هذه المؤسسة الدينية والاجتماعية.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن الزوايا بصفة عامة تستفيد من دعم مادي مباشر وغير مباشر، إضافة إلى مداخيل أخرى مرتبطة بأنشطتها الدينية والثقافية، مما يجعلها في نظر منتقديها أقرب إلى مؤسسات اقتصادية ريعية تحتاج إلى قدر أكبر من الشفافية في التدبير المالي والإداري.
كما تحدثت مصادر صحفية عن شبهات تحويلات مالية بمبالغ كبيرة مرتبطة بالزاوية البوتشيشية، وهو ما دفع إلى دعوات بضرورة إخضاع هذه المؤسسات لنفس آليات المراقبة والمحاسبة التي تخضع لها باقي الجمعيات والهيئات التي تستفيد من المال العام.
ويرى متتبعون أن التصوف، الذي كان في جوهره مشروعاً دينياً قائماً على الزهد والتربية الروحية، تحول في بعض الحالات إلى وسيلة للاغتناء غير المشروع، مما يثير أسئلة عميقة حول دور الزوايا اليوم في المشهد الديني والاجتماعي والسياسي المغربي.
ويعتبر العديد من الباحثين أن لحظة مداغ ليست حدثاً عابراً، بل قد تكون بداية لنقاش وطني واسع حول علاقة الدولة بالزوايا، وضرورة مراجعة طرق تمويلها وأوجه صرف ميزانياتها بما يضمن الشفافية ويحترم ثقة المواطنين.
الزوايا في المغرب جزء من الهوية التاريخية والدينية، غير أن طبيعة المرحلة الراهنة تفرض تجديد النقاش حول أدوارها وحدودها، بما يحافظ على بعدها الروحي ويقطع الطريق على كل أشكال الاستغلال المالي والسياسي.