بقلم: الصحافي حسن الخباز
أثار اعتقال شاب في الثلاثينات من عمره بمدينة أكادير، على خلفية تدوينات نُسبت إليه وُصفت بأنها تتضمن تهديدًا لرئيس الحكومة المغربية، موجة واسعة من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الآراء بين مستنكر لأسلوب التهديد، ومتفهم لدوافع الغضب التي تعكس – في نظر البعض – حجم الاحتقان الاجتماعي بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.
ووفقًا للمعطيات الأولية، فإن الشاب الموقوف نشر تدوينات على صفحته بالفيسبوك، تضمنت عبارات تم اعتبارها مسيئة ومحرضة، وهو ما دفع دفاع رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش إلى التقدم بشكاية للنيابة العامة، التي تفاعلت بسرعة مع الملف، وأمرت بفتح تحقيق في الواقعة ووضع المعني بالأمر رهن الحراسة النظرية.
الحادثة، التي أخذت بعدًا وطنيًا، أعادت إلى الواجهة النقاش حول حرية التعبير وحدودها، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمواقف غاضبة تجاه تدبير الشأن العام. فبينما يرى كثيرون أن استعمال لغة التهديد والعنف الرمزي أمر مرفوض ولا يندرج في إطار حرية التعبير، يعتبر آخرون أن الأسباب العميقة لهذا الغضب الاجتماعي يجب أن تحظى باهتمام السلطات، خصوصًا في ظل الغلاء المتزايد للأسعار، وغياب فرص الشغل، وضعف الحماية الاجتماعية.
في الوقت الذي تؤكد فيه النيابة العامة استقلالية قراراتها وسريان القانون على الجميع، يتساءل العديد من النشطاء: هل ستُفتح ملفات تتعلق بالمحاسبة الحكومية بخصوص الوضع الاقتصادي؟ وهل هناك آليات مفعلة تتيح للمواطنين التعبير عن تذمرهم بشكل مؤسساتي دون خوف أو قمع؟
ورغم أن التهديد أو التحريض جريمة يُعاقب عليها القانون المغربي، إلا أن العديد من الأصوات شددت على ضرورة عدم تجاهل الرسائل الاجتماعية التي تعبر عن الضيق من الواقع المعيشي، وضرورة تفعيل آليات الإنصات والتواصل الحكومي، لتفادي مزيد من التوتر والاحتقان.
بين حرية التعبير والضغوط الاجتماعية
يرى متابعون أن الواقعة تمثل نموذجًا للتوتر القائم بين المواطن البسيط والمؤسسات، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الأسعار، حيث تتعدد التساؤلات بشأن التدابير الحكومية لمواجهة هذه التحديات، وجدواها على أرض الواقع.
وفي انتظار نتائج التحقيق، يبقى الأمل معقودًا على أن تؤدي مثل هذه الأحداث إلى نقاش عمومي مسؤول، يربط بين الحق في التعبير والحق في العيش الكريم، وبين ضرورة احترام القانون وواجب استيعاب المطالب الاجتماعية.