العلوي زكرياء
أعلن مجلس جهة الدار البيضاء سطات عن مشروع إصلاح المسالك القروية بتراب الجهة، حيث خصص لإقليم برشيد 218 كلم من المسالك القروية بميزانية إجمالية بلغت 14 مليار و190 مليون سنتيم، موزعة على 15 جماعة قروية. ورغم أهمية هذه الخطوة، فإن طريقة توزيع الحصص المالية والمسافات المخصصة لكل جماعة أثارت تساؤلات مشروعة حول المعايير المعتمدة في تحديد الأولويات، خصوصًا مع التهميش الواضح لبعض الجماعات ذات الأهمية الاستراتيجية.
تفاوتات واضحة واستثناءات مثيرة للجدل
إذا كانت بعض الجماعات القروية قد استفادت من حصص كبيرة، كما هو الحال بالنسبة لـ جماعة جاقمة (35 كلم / 2.275 مليار سنتيم) وجماعة لمباركيين، الساحل أولاد احريز، وزاوية سيدي بنحمدون (25 كلم / 1.625 مليار سنتيم لكل منها)، فإن جماعات أخرى لم تحظَ بنفس الاهتمام رغم موقعها الحيوي وأهميتها الاقتصادية والسياحية.
جماعة سيدي رحال الشاطئ، التي تعتبر الواجهة السياحية الرئيسية بإقليم برشيد، حصلت فقط على 8 كلم من المسالك القروية بميزانية 520 مليون سنتيم، وهو رقم يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعايير المعتمدة، خاصة أنها تمثل نقطة جذب سياحي مهمة وتعرف اكتظاظ في فترة الصيف و ظغطا كبيرا على الطرق مقارنة بجماعات أخرى.
الأمر نفسه ينطبق على جماعة السوالم، التي لم تحظَ إلا بحصة محدودة رغم موقعها الاستراتيجي، في حين تم استثناء جماعتي السوالم الطريفية وأولاد عبو تمامًا من البرنامج، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه القرارات مبنية على دراسات تقنية عادلة أم أنها خضعت لحسابات سياسية مرتبطة بالانتماءات الحزبية للمجالس المنتخبة؟
هل المجالس الجماعية فعالة في جلب الاستثمارات؟
يطرح هذا التفاوت في توزيع الميزانيات أيضًا تساؤلات حول مدى فعالية المجالس الجماعية المنتخبة في الدفاع عن مصالح الساكنة وجلب الاستثمارات التنموية لمناطقها. فمن غير المفهوم كيف يتم تخصيص حصة ضعيفة أو تجاهل تام لجماعات ذات أهمية اقتصادية وسياحية بارزة، بينما تحصل جماعات أخرى على تمويلات ضخمة تفوق حاجياتها مقارنة بحجمها الديمغرافي والاقتصادي لكن لمكاتبها إنتماءات سياسية معينة.
فإذا كانت مدينة سيدي رحال الشاطئ هي المتنفس السياحي الأول و الواجهة البحرية في الإقليم، وتحتاج إلى بنية تحتية قوية لاستيعاب الحركة السياحية المتزايدة، فلماذا لم تحظَ بحصة تتناسب مع موقعها؟ وإذا كانت السوالم الطريفية نقطة وصل مهمة بين عدة مناطق اقتصادية، فما هو المبرر وراء استثنائها تمامًا؟
هل نحن أمام توزيع عادل أم “انتقاء سياسي”؟
في ظل غياب توضيحات رسمية حول المعايير التي تم اعتمادها في توزيع الميزانية، تبقى هذه الأسئلة مطروحة بقوة، خصوصًا في ظل الاتهامات المتزايدة بأن توزيع المشاريع التنموية يخضع أحيانًا للاعتبارات الحزبية والانتماءات السياسية أكثر من كونه يستند إلى دراسات واقعية لاحتياجات كل منطقة.
إذا كان مجلس جهة الدار البيضاء سطات يطمح إلى تنمية متوازنة للإقليم، فإن من الضروري أن تكون القرارات مبنية على معايير واضحة وشفافة، تراعي الأهمية الاقتصادية والسياحية لكل جماعة، وليس فقط حجم تأثيرها السياسي داخل المجالس المنتخبة.
الكرة الآن في ملعب المنتخبين والجهات المسؤولة
أمام هذه التساؤلات، يبقى دور المنتخبين المحليين حاسمًا في الضغط من أجل تخصيص ميزانيات عادلة لمناطقهم. فالجماعات التي لم تحصل على نصيب وافر من هذا البرنامج مطالبة اليوم بالمطالبة بتوضيحات من مجلس الجهة، والعمل على تقديم ملفات تقنية واضحة تُبرز أهمية تأهيل مسالكها القروية.
في النهاية، يظل السؤال الأهم: هل سيتم تصحيح هذا التوزيع في المستقبل لضمان تنمية عادلة وشاملة، أم ستظل هذه الجماعات تعاني من تهميش غير مبرر قد يؤثر على مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي؟