بقلم الصحفي ـ عبد الغني سوري
تحولت احتفالات عاشوراء في عدد من المدن المغربية إلى مشاهد من الفوضى والانفلات، بعدما خرجت عن إطارها الديني والاجتماعي التقليدي، لتتحول إلى سلوكيات خطيرة تهدد سلامة المواطنين وأمنهم. من استعمال مفرقعات خطيرة، إلى تفجير قنينات الغاز وسط الأزقة، ثم إلى مواجهات مباشرة مع عناصر الأمن والقوات المساعدة، تسير بعض مظاهر عاشوراء نحو منحى عنيف وغير مقبول.
هذا الانفلات ليس وليد اللحظة، بل هو انعكاس لأزمة تربوية عميقة تعاني منها الأسرة والمدرسة على حد سواء. فمع تراجع سلطة الوالدين وضعف التواصل الأسري، وانشغال المؤسسات التعليمية بالأداء الأكاديمي دون الاهتمام الجاد بالتربية على القيم، أُفرغت الساحة من التوجيه والتأطير الأخلاقي. وهو ما أدى إلى بروز فراغ نفسي وسلوكي لدى الشباب والمراهقين، تُملأ بتصرفات عدوانية.
في ظل غياب فضاءات للشباب، من مراكز سوسيو-ثقافية وأندية رياضية، يجد هؤلاء أنفسهم يفرغون طاقاتهم في ما يشبه “اللعب بالنار”، حيث تتحول الاحتفالات إلى فرصة للتمرد على السلطة وفرض الذات بالعنف والتهور.
العوامل المحيطة تعزز هذه الأزمة: غياب القدوة الحسنة، انتشار محتوى عنيف على منصات التواصل، وتشجيع بعض الأوساط الاجتماعية على “ثقافة التحدي” بدل ثقافة الاحترام والمسؤولية.
ما يحدث في عاشوراء اليوم يتطلب وقفة تأمل جادة، وإعادة النظر في سياسات التربية والوقاية، بدل الاقتصار فقط على الحلول الأمنية. فالفوضى ليست قدَرًا، بل نتيجة تراكمات يمكن معالجتها بإصلاح المنظومة التربوية، وإعادة الاعتبار لدور الأسرة والمدرسة، وخلق فضاءات حقيقية لاحتضان الشباب وتوجيههم نحو بدائل صحية تعزز فيهم روح المواطنة والانتماء