✍️ المراسل: ح. ن / إبن أحمد، إقليم سطات
تتواصل خيوط الرعب بمدينة إبن أحمد، وتتسع دائرة الغموض المحيطة بالجريمة البشعة التي أصبحت تُعرف إعلاميًا بـ”فاجعة المرحاض”، بعد اكتشاف أجزاء بشرية مقطعة بمحيط المسجد الأعظم. المستجدات الأخيرة تضع أمامنا سؤالًا خطيرًا: كيف لمختل عقلي أن يتعلم تقنيات الذبح والسلخ داخل مجزرة عمومية يُفترض أنها مؤمّنة وتخضع لمراقبة مشددة؟
المتهم، الذي وصفه عدد من السكان بـ”الغامض”، ظهر في فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يهدد صراحة بإحراق شاحنة نقل اللحوم التابعة للمجلس الجماعي لابن أحمد، بل ويطلق تهديدات صريحة في حق مسؤولين محليين، في مشهد يطرح علامات استفهام كبرى حول غياب الحراسة والمراقبة بالكاميرات في مستودعات المرافق العمومية.
وبحسب مصادر من المدينة، فإن المتهم لم يكن يشتغل كجزار، بل “خضار” بسيط. لكنه، ولأسباب غير مفهومة، حصل على فرصة للتدرب في المجزرة البلدية بدعوى رغبته في تعلم الذبح، فوجد لنفسه مجالًا مفتوحًا لاكتساب مهارات مهنية استثمرها في تنفيذ جريمة قتل مروعة راح ضحيتها شاب يعمل سمسارًا في العربات الفلاحية، قبل أن تتفجر تفاصيل صادمة عن ضحية ثانية، عامل عرضي بالجماعة، اختفى منذ أيام العيد.
الجهات الأمنية باشرت تحرياتها الموسعة، وأسفرت تحقيقاتها عن العثور على أشلاء بشرية جديدة، تعود للضحية الثانية، داخل منزل المشتبه فيه وأماكن متفرقة. وتؤكد معطيات أولية أن الجاني استخدم تقنيات “سلخ وسلاخة” شبيهة بتلك التي تُعتمد في المجازر. وهو ما يعيد السؤال المؤلم إلى الواجهة: من سمح له بولوج المرفق؟ وأين كانت الرقابة؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا التساهل الفادح؟
الحادث لم يعد جريمة عابرة، بل فاجعة مركبة تسائل التدبير المحلي، واليقظة الأمنية، ونظام الرعاية الصحية والنفسية للأشخاص في وضعية هشاشة عقلية. فقد تبين أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية حادة، وتتوفر ضده 58 شكاية سابقة بسبب سلوكيات عدوانية، لكن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حينه.
في هذه الأثناء، تواصل الضابطة القضائية تحقيقاتها تحت إشراف النيابة العامة، وسط تخوفات من اكتشاف ضحايا آخرين. أما المتهم، فيواصل التزامه الصمت، أو الإدلاء باعترافات جزئية وغير مترابطة، ما يعقّد مهمة المحققين ويزيد من رهبة الشارع المزابي.
في مدينة كانت تُعرف بهدوئها ورمزيتها النضالية، أصبحت الجرائم البشعة هي حديث المقاهي والأسواق والمنصات الاجتماعية. والمطلب الشعبي واضح: لا بد من مساءلة المسؤولين عن الثغرات التي سمحت بوقوع هذه الفاجعة، وتفعيل مراقبة صارمة للمرافق العمومية، ومعالجة أوضاع المختلين عقليًا بشكل يضمن الأمن العام.
إبن أحمد لم تعد كما كانت، و”السكين” هذه المرة لم يقطع اللحم فقط، بل خدش ثقة السكان في مؤسساتهم.