بقلم: حسن الخباز
أثارت الفنانة الأمازيغية فاطمة تابعمرانت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ظهورها في مقطع فيديو تتحدث فيه عن رغبتها في عدم حذف أغانيها بعد وفاتها، بل وذهبت إلى حد القول إنها “ترغب في أن تتحمل ذنوب تلك الأغاني”، ما اعتبره عدد كبير من المتابعين تصريحات صادمة وخارجة عن المألوف.
الفيديو انتشر بشكل واسع وتصدر منصات التواصل، حيث تفاعل معه جمهور عريض، بين مستنكر ومصدوم من محتوى الرسالة، التي خالفت بحسب العديد من التعليقات، ما يتطلع إليه غالبية الفنانين الذين يراجعون أعمالهم السابقة في مراحل لاحقة من حياتهم. فعدد من الفنانين، مثل شمس البارودي وغيرهم، اختاروا التوبة وطلبوا حذف أعمالهم الفنية، معتبرين أنها لا تتماشى مع توجهاتهم الجديدة أو معتقداتهم الدينية.
تصريحات تابعمرانت اعتُبرت من طرف عدد من المعلقين “غير محسوبة العواقب”، خصوصاً أنها جاءت في مرحلة عمرية يُفترض أن يسودها الاتزان والحكمة، ما جعل البعض يتساءل عن الدافع الحقيقي وراء هذا الموقف المفاجئ: هل هو موقف فني حقيقي أم محاولة للعودة إلى الأضواء بعد غياب طويل عن الساحة؟
اللافت أن الكثير من التعليقات، خصوصاً على فيسبوك ويوتيوب، جاءت غاضبة وحادة، معتبرة أن الفنانة لم تحترم مشاعر الجمهور المغربي المحافظ. بعض المعلقين رأوا في حديثها استفزازًا صريحًا، بينما رأى آخرون أنه مجرد سوء تعبير أو فُهم خارج سياقه.
بعيداً عن الجدل، يبقى السؤال الحقيقي: هل ينبغي فصل العمل الفني عن نية صاحبه بعد وفاته؟ وهل من حق الفنان أن يوصي باستمرار أعماله أو حذفها؟ أسئلة تعيد النقاش حول العلاقة المعقدة بين الإبداع والبعد الديني أو الأخلاقي، خاصة في مجتمعات تتشابك فيها القيم الفنية والثقافية والدينية بشكل قوي.
مهما يكن، فإن هذه الخرجة الإعلامية أعادت فاطمة تابعمرانت إلى واجهة النقاش، ولكن بطريقة غير متوقعة، وبأسلوب أحدث انقسامًا في الرأي العام، وأثار تساؤلات عميقة حول حرية الفنان وحدودها، والتأثير الرمزي الذي تتركه الكلمة قبل وبعد الموت.
