spot_img

ذات صلة

كل المقالات

دوزيم تُشعل الغضب الشعبي من جديد بسبب “طوطو”.. استفزاز متكرر أم انفلات إعلامي؟

✍️ بقلم: الصحافي حسن الخباز عادت القناة الثانية (دوزيم) لإثارة...

ماذا يقع في المكتب المغربي لحقوق المؤلف؟!

بقلم: رشيد صفـَر
كاتب _ سيناريست وإعلامي وعضو بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف.

في ظل ما نعيشه من تحولات ثقافية وقانونية متسارعة، يبقى سؤال الحكامة الجيدة داخل المؤسسات المعنية بحماية الحقوق الفكرية سؤالا جوهريا لا يحتمل التأجيل.
وقد لمسنا تطورا وتنظيما فعليا للانخراط في المكتب وعملا محترما لإداراته المركزية وأطره، التي تبادلنا الاحترام ولا أرمي الورود .. لأن من رأى ليس كمن سمع …

ومن موقعي كمؤلف مغربي وعضو فعلي بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف، أجدني مُجبرا، أخلاقيا وأدبيا، على طرح هذا السؤال المشروع والمُلحّ:

ما الذي يحدث حقا داخل المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة؟

بتاريخ 2 يونيو 2025، انعقد لقاء بمسرح محمد الخامس بالرباط تحت عنوان “ندوة صحفية للجنة تأسيس المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف”. لقاء غريب في طبيعته ومبهم في سياقه، فهو معلن من حيث الشكل، لكنه مُدار بمنطق السرية المفرطة. إذ لم تُوجه دعوات رسمية إلى عدد كبير من المؤلفين، وأنا من بينهم، ولم تُقدَّم أي توضيحات قبليّة تشرح شروط المشاركة أو خلفيات ودواعي التأسيس ودور وأهداف هذه التمثيلية فالكثير من المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة لا يعلمون مثل هذه الأمور.

والأدهى أن هذا اللقاء قُدّم وكأنه استحقاق قانوني، في حين أن مخرجاته تُثير أكثر من علامة استفهام بشأن مدى احترام المساطر القانونية والتنظيمية التي تُؤطر عمل المكتب.

فالقانون المؤسس واضح في هذا الباب: التمثيلية داخل المجلس الإداري تمرّ حصرا عبر جمعيات منتخبة تمثل كل صنف فني (الموسيقى، المسرح، السينما، الأدب، إلخ)، ويُنتخب من كل جمعية رئيس يمثلها داخل المجلس. هذا هو المنطق الديمقراطي، وهذه هي فلسفة القانون، وهي الصيغة الوحيدة التي أقبلها ككاتب ساهم في المشهد الثقافي المغربي عبر مسارات متعددة : الكتابة، السينما، التلفزيون، المسرح، الصحافة، والبحث السوسيولوجي.

لكن ما حدث في ذلك اليوم، وما سبقه من تحضيرات في الكواليس، يُحيلنا إلى ممارسة هجينة، لا علاقة لها لا بالشرعية القانونية، ولا بالمنطق المؤسساتي السليم. لقد فُرضت علينا، بدون سابق إعلان، ما سُمي بـ”لجنة إشراف مؤقتة”، عُيّن أعضاؤها دون علمنا ولو برسالة عبر الواتساب، ودون أي تبرير معلن أو مسطرة قانونية منشورة.

من اختار هذه اللجنة؟ ووفق أي معايير؟ وأين نُشر هذا القرار الوزاري؟ ولماذا لم يُعرض على أعضاء المكتب أو يُناقش في أي محفل رسمي؟

إننا، شئنا أم أبينا، أمام حالة واضحة من الخرق الإداري المغلّف بشرعية شكلية. وكأننا لسنا فاعلين في منظومة حقوقية قائمة على التمثيلية، بل مجرّد تابعين يُخبرون بقراراتهم بعد تمريرها وتطبيقها كلعبة “فرض الأمر الواقع” في حلقة من مسلسل “آخر من يعلم”…
يجب التذكير أننا لا نعمل في مقاولة خاصة، بل نتمنى بفضل إبداعاتنا التي تسقى من عقولنا ووجداننا وتجاربنا، لمؤسسة ذات طابع قانوني.

ما يحصل اليوم لا يمكن قبوله تحت ذريعة “تدبير المرحلة” أو “المصلحة العامة”. فالديمقراطية ليست ترفا تنظيميا، بل هي شرط جوهري لكل إصلاح حقيقي. وإذا سمحنا بتكريس منطق التعيين الفوقي، فسنكون قد فقدنا جوهر المعركة : التمثيل الحرّ والمستقل للمؤلفين المغاربة، دون وصاية، ودون وساطة، ودون سرية.

وهنا يبرز السؤال الجوهري:
ما الجدوى من تأسيس جمعيات؟
ما القيمة الدستورية للمشاركة والانتخاب؟
وما معنى أن نكون مؤلفين نحمل صفة قانونية، إذا كان صوتنا يُختزل في اسم معيّن اختير في الظل، دون علمنا؟

أطالب فقط بالحدّ الأدنى من الكرامة القانونية، والوضوح المؤسساتي، والاحترام المتبادل بيننا وبين الجهة الوصية. لا نريد أن نكون ضحايا “هندسة خفية” يُسوّق لها بلغة دبلوماسية جوفاء.

إن تمرير هذه المسرحية الرديئة دون محاسبة، يُعد إعلانا رسميا عن وفاة مفهوم التمثيلية الثقافية في المغرب. وهو ما يضعنا، كمثقفين ومؤلفين، أمام خيار واحد : أن ندافع عن حقنا في المشاركة، وأن نُطالب بمجلس إداري منتخب، لا مُعين، وبتمثيل حقيقي، لا رمزي.

لستُ ضد الإصلاح، بل أدعو إليه. لكن الإصلاح لا يتم بانتهاك القانون، ولا بتهميش الفاعلين الحقيقيين، ولا بإقصاء الأصوات الحرة. بل يتم بالتشاور، بالحوار، وبالاحتكام إلى القانون لا إلى الهواتف الذكية.

وإلا… فلا معنى للمكتب، ولا حتى لصفة “مؤلف مغربي”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img