ديريكت القصر الكبير
أحيت أسرة الأمن الوطني بمدينة القصر الكبير، يوم الجمعة 16 ماي الجاري، الذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، في حفل رسمي احتضنته مفوضية الشرطة، بحضور ممثلين عن السلطات القضائية والعسكرية والمدنية، إضافة إلى وجوه إعلامية محلية.
هذا الحدث الوطني يشكل فرصة سنوية لاستحضار دور المؤسسة الأمنية في حماية الأرواح والممتلكات، وكذا لاستعراض التطورات التي تعرفها الإدارة الأمنية على المستوى الوطني في مجالات التكوين، التجهيز، والحكامة الأمنية.
ورغم أهمية هذه المحطة الرمزية، فإن واقع الأمن بمدينة القصر الكبير لا يزال في حاجة إلى ترتيبات هيكلية وأخلاقية عميقة، على رأسها دعم قيم التخليق داخل المرفق الأمني، باعتبارها أساسًا لكل سياسة عمومية ناجعة في مجال التدبير، وأحد مؤشرات جودة أداء العنصر البشري في صفوف الأمن الوطني.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه التوجيهات الملكية ومرجعيات المديرية العامة للأمن الوطني على تكوين الشرطي وتأهيله كركيزة لضمان أمن حقيقي، تظل بعض الممارسات اليومية بعيدة عن هذا الطموح، خاصة حين يغيب الاحترام التام لحقوق الإنسان أو يتم التعامل مع المواطنين بمنطق القوة بدل الخدمة.
وفي هذا الصدد، نستحضر قول الخبير القانوني الفرنسي روني جان ديبوي:
“بدون السلام، التنمية مستحيلة. والتنمية بدون حقوق الإنسان وهم. أما السلام بدون حقوق الإنسان فهو عنف مقنع”.
وفي سياق توجيهاتها التنظيمية الأخيرة، شددت المديرية العامة للأمن الوطني على ضرورة تعيين شرطيات داخل أماكن الاحتفاظ بالنساء، إلى جانب تنفيذ مراقبات فجائية صارمة، واحترام كرامة المشتبه فيهم من خلال توفير وسائل نقل صحية وملائمة، خاصة للمرضى منهم، بدل نقلهم بسيارات النجدة.
كما أكدت التعليمات ذاتها على أن أي تدخل أمني في الشارع العام، سواء لتفريق التجمهرات أو لمواكبة التجمعات العمومية، يجب أن يتم في احترام تام لقانون الحريات العامة، بما يضمن التوازن بين الأمن واحترام الحقوق.
في المجمل، تظل الذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني محطة تأمل ومساءلة أكثر من كونها لحظة احتفال، وتفرض على كل المتدخلين في الشأن الأمني بالقصر الكبير العمل على مراجعة المنهجيات وتكريس الاحترافية والتخليق، حتى تواكب المدينة تطورات المؤسسة الأم، وتضمن أمنًا يليق بمواطنيها.