✍️ بقلم:عبد الغني سوري ـ ديريكت بريس مغرب
بقلوب دامعة ونفوس يعتصرها الحزن، ودّعت ساحة التبوريدة واحدًا من رموزها الشعبيين الاستثنائيين: با التهامي، الرجل الذي لم يكن فارسًا فوق صهوة جواد، لكنه كان “فارس الفرح”، و”صوت البارود” حين يتناغم مع زغاريد الميدان وقلوب العاشقين لهذا الفن المغربي العريق.
كان با التهامي يحمل “الگلة” الفخارية بكل طقوسها، مملوءة بالماء، يرفعها بكل هدوء وهي تهمّ بالسيلان، قبل أن يهوي بها على الأرض في لحظة تناغم تام مع طلقة “الماصة” الناجحة، معلنًا بذلك فرحة مكتملة لعروض البارود.
لم تكن هذه الحركة مجرد عادة، بل تحولت إلى طقس رمزي يشير إلى النجاح، ويعزز نشوة الانتصار في قلوب الفرسان والجماهير معًا. لقد أصبح مشهد “الگلة” المكسورة، وصوتها المتناثر، بمثابة توقيع ختامي لكل “سربة” أبدعت في تناغمها.
اليوم، بعد غيابه، ستفتقد ميادين التبوريدة ذاك الإيقاع الإنساني العفوي الذي كان يُشعل الحماس. سيغيب با التهامي بجسده، لكنه سيظل حاضرًا في ذاكرة البارود، في زغاريد النساء، وفي كل “گلة” تُرفع لتُكسَر على وقع الفرحة المغربية الأصيلة.
رحم الله با التهامي… رجل لم يركب الفرس، لكنه امتطى قلوب المغاربة.