بقلم: عبد الغني سوري – ديريكت بريس مغرب
في ظل التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران، تبدو منطقة الشرق الأوسط على شفا انفجار شامل، وسط غياب أي خطة خروج استراتيجية من هذا النزاع المتفاقم. ورغم الضربات المتبادلة والتصريحات النارية، يلوح في الأفق سؤال خطير: هل يمتلك أي طرف من أطراف الصراع خريطة طريق تنقذ المنطقة من السقوط في الهاوية؟ أم أن الجميع بات رهينة لقرارات تُتخذ في البيت الأبيض؟
لا أهداف واضحة… ولا نهاية في الأفق
الملحوظ في هذه الحرب الباردة التي تزداد سخونة، هو غياب الرؤية السياسية والعسكرية الواضحة لدى أطراف النزاع. إسرائيل تسعى إلى كبح جماح المشروع النووي الإيراني وتفكيك شبكة النفوذ الإقليمي لطهران، فيما تحاول إيران تثبيت موقعها كقوة إقليمية، وتحدي الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة. إلا أن هذه الأهداف لا تبدو قابلة للتحقيق دون تكلفة بشرية واستراتيجية هائلة.
فالتصعيد المستمر، وإن بدا حتى الآن ضمن نطاق “الضربات المحدودة والمحسوبة”، يمكن أن يتحول في أي لحظة إلى حرب شاملة، خصوصًا في غياب أي قنوات فعالة للتهدئة أو وساطات سياسية موثوقة.
الدور الأمريكي: مفتاح الحرب والسلم
وسط هذا التوتر الإقليمي الحاد، تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كعامل حاسم، بل وصانع القرار الفعلي في مآلات هذا النزاع. فهي الحليف الأقرب لإسرائيل، والداعم العسكري الأول لها، وفي الوقت نفسه تحتفظ بأوراق ضغط قوية على إيران، سواء من خلال العقوبات الاقتصادية أو التهديد بالتدخل العسكري المباشر.
لكن السؤال الأهم هو: هل تملك واشنطن خطة محكمة لإدارة أو إنهاء هذه الحرب المحتملة؟
الجواب لا يزال غامضًا. فالإدارة الأمريكية تبدو في موقف حرج، بين دعم إسرائيل غير المشروط، والرغبة في تفادي الغرق في مستنقع صراع إقليمي جديد، في وقت تتعالى فيه الأصوات الرافضة لأي تدخل عسكري أمريكي في الشرق الأوسط.
المنطقة في مهب الريح
إن اندلاع حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، خاصة مع وجود “حزب الله” في الجنوب اللبناني و”الحوثيين” في اليمن كأذرع إيرانية، سيعني دخول المنطقة بأكملها في فوضى غير مسبوقة. والأخطر أن أمن الخليج، واستقرار الطاقة العالمية، ووضع اللاجئين، والأسواق الدولية، ستكون جميعها على المحك.
كما أن غياب خطة خروج لدى الطرفين، وافتقار واشنطن إلى استراتيجية واضحة، يجعل الشرق الأوسط بأسره عرضة لتقلبات القرار السياسي الأمريكي، الذي قد يُشعل الحرب في لحظة، أو يُطفئها إذا اقتضت المصلحة.
خلاصة: الشرق الأوسط رهينة لصراع الكبار
في ظل هذا الوضع المتوتر، يبقى الخيار الدبلوماسي هو الأمل الوحيد لتفادي الكارثة. يجب على الأطراف الفاعلة، بما في ذلك القوى الإقليمية، الدفع نحو تسويات سياسية وتفعيل آليات الوساطة، لتجنب الانزلاق في حرب كارثية لا يملك أحد مفاتيح الخروج منها.
فـ حرب إيران وإسرائيل ليست فقط مواجهة بين دولتين، بل هي صراع مفتوح قد يرسم مستقبل المنطقة لعقود قادمة، إذا لم يتم تداركه بالحكمة والعقل.