spot_img

ذات صلة

كل المقالات

أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا

ديريكت بريس. وصل رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، مساء اليوم...

الرباط: الضمانات القضائية للمحاكمة العادلة محور ندوة علمية بمعرض الكتاب.

العلوي زكرياء. شهد رواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالمعرض الدولي...

بنعلي تبرز بلندن الرؤية الملكية لتحقيق السيادة الطاقية وتعزيز الأمن الطاقي الوطني.

ديريكت بريس. أبرزت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة،...

سيدي بنور.. تلميذ يحاول وضع حد لحياته داخل القسم بسبب أزمة عاطفية

✍️ بقلم: عبد الغني سوري اهتزّت مدينة سيدي بنور على...

سلسلة الواقع والمواقع, الحلقة 26 : الفصل 507 من القانون الجنائي … المسطرة !!!

الواقع والمواقع … سلسلة مقالات ننشرها حصريا في جريدة “ديريكت بريس”، للتسلية والترفيه وأيضا للتوعية والتثقيف. نرصد من خلالها تفاصيل حدث خلق ضجة أعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لنتتبع تأثيره على ردود أفعال المواطنين وصناع القرار في العديد من دول العالم.

بقلم : رشيد صفَـَـر

الحلقة 26 : الفصل 507 من القانون الجنائي … المسطرة !!!.

في زمن صارت فيه “المسطرة” تعني أكثر من مجرد أداة هندسية، لم يعد يعرف “الواقع” من أين يتلقى الضربات ..

من الشوارع أم من المنشورات في المواقع ؟..

من الأسلحة البيضاء التي يجوب حاملوها الأزقة، أم من الأخبار السوداء التي تغزو الشاشات !؟..

وبين “جانح” يحمل المسطرة/السكين، و”مُدوّن” يحمل الهاتف، يكاد الفرق ينعدم : كلاهما يهدد الأمن، أحدهما الجسدي، والآخر المعرفي.
اختلطت المسطرة الجنائية بالقانون الجنائي، في مواقع التواصل الاجتماعي وغابت المعلومة الصحيحة.

“المسطرة” من المدرسة إلى الجريمة !!!

من عجائب اللهجة الدارجة المغربية أن كلمة “المسطرة” لا تحيل فقط على أدوات الرسم أو الإجراءات القضائية، بل تحمل في الشارع معنى آخر تماما : السكين الطويل الذي يُذبح به خروف العيد… أو تُذبح به الطمأنينة في الأزقة والدروب.

المسطرة، التي كان يفترض أن تُستعمل في الحجرة، لتسوية الخطوط وتحديد الزوايا، خرجت من دورها التربوي، وصارت تُستخدم كمفهوم لتعريض حياة المواطنين للخطر في الشارع والأزفة والمحلات التجاربة. شباب كان يُفترض أن يكتبوا مستقبلهم بالحبر، فإذا بهم يكتبونه بالدم. أغلبهم، للأسف، لا يميز بين دفتر النصوص ودفتر السوابق والمسطرة القانونية والقانون الجنائي ومسطرة تحديد الأملاك العقارية من أجل التحفيظ، والأمر هنا يتعلق بفصل قانوني يستهدف حفظ أرواح وممتلكات المواطنين، والمحافظة على أمن وطمأنينة المجتمع.

بين أمهات تستغيث وآباء غابوا عن الساحة !!!

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد، لأمهات بعض المعتقلين بتهمة السرقة باستعمال السلاح الأبيض …
خرجت “الحنَّانة” بلغة الشارع وهي الأم، للتظاهر ضد ما تم وصفته الأمهات بـ “ظلم الفصل 507″، وطالبن بإعادة النظر في الأحكام، بدعوى أن أبناءهن لا يزالون قاصرين أو مراهقين. لكن الملاحظة اللافتة : أين الآباء !!؟؟.

هل الغياب محض صدفة !؟ ..

أم أن الأب اختفى من الساحة عندما حان وقت الحساب !؟..

الأب الذي لم يُربِّ، لن يُحاجِج. والسلطة الأبوية التي كانت يوما صمام أمان، انسحبت، فحلّت محلها سلطة الشارع والإنترنت.

سكين في اليد … وإشاعة في الهاتف.

الفصل 507 !؟.

الفصل 507، غير مرتبط بقانون المسطرة الجنائية، وهو فصل من فصول القانون الجنائي المغربي السارية المفعول والتطبيق منذ زمن طويل.
وهذا الفصل الذي خلق ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمت بصلة بالإجراءات القضائية أو بطاقة السوابق الحبسية و”صحيفة الإجرام”، كما جاء في التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هو فصل قانوني ينص على تشديد العقوبة في حالة ارتكاب جريمة السرقة بالسلاح، و من خلال قراءة مضمونه يتضح الأمر جليا :

“يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح، سواء كان ظاهرا أو مخفيا، حتى ولو ارتكبت السرقة من طرف شخص واحد ودون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشددة”.
الفصل 507 موجود إذن، نعم .. موجود في مجموعة القانون الجنائي. وهو ليس وليد اليوم، بل نص قديم واضح.
لقد أكد الخلط بين المسطرة الجنائية ومجموعة أحكام القانون الجنائي المغربي، التسرع في إطلاق “الفضائح التشريعية”، وهو ما يُظهر بوضوح مدى هشاشة الثقافة القانونية لدى أغلب المبحرين عبر الإنترنت، ويكشف عن مستوى من التهافت الرقمي لخلق البلبلة والتفاعل، وهي سلوكات رقمية صارت تُهدد الوعي الجمعي، كما تهدده الجريمة نفسها.

الشرطة في مواجهة اللصوص !!!.

جاحد من سيقول أن الشرطة لا تخوض يوميا، معركة كبيرة ضد حاملي “مسطرة” الاعتداء على المواطنين لسلبهم ممتلكاتهم، وهي ظاهرة صعبة التفسير بتعليق متسرع على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تتطلب آراء خبراء السوسيولوجيا وعلم الجريمة والتنشئة الاجتماعية وعلم النفس.
يعرض حراس الأم أنفسهم للخطر يوميا، إذ يتدخلون في لحظات انفلات قصوى، فيضطرون أحيانا لاستعمال السلاح الوظيفي لإيقاف حالات عدوانية، همجية، مدفوعة إما بالأقراص أو باليأس. في مواجهة شباب ومراهقين جانحين لا تعرف الرحمة سبيلا إلى قلوبهم ومشاعرهم .. يصعب الحديث عن إعادة الإدماج بالنسبة لهؤلاء اللصوص القتلة في هذه الحالة، لأنهم يهددون أمن وسلامة مواطنين مندمجين في النسيج الاقتصادي، في طريقهم من أو إلى العمل لتوفير قوت اليوم، والإسهام في تنمية البلاد في شتى القطاعات، لكن في مشهد درامي خطير، يصادفون قطاع “الطرق”، ويتعرضون للترهيب والنهب وسلب الممتلكات التي يمكن أن تكون ممتلكات أي واحد “صادوه” أو صادفوه، فهم يجوبون الشوارع والزقاق، كضباع جارحة بشرية، تنقض على الضحية في غفلة منها وغفلة من المجتمع، وقد تتحمل الضحية ضربات تخلف خطوطا دامية ومؤلمة على الوجه والجسد، وقد ينتهي بها الأمر إلى فقدان الحق في الحياة، والقتل غدرا.

في النهاية، نحن نواجه مسطرتين خطيرتين :

الأولى : حقيقية، من حديد، تجرح الجسد وتفتك بالأرواح.

الثانية: رقمية، من وهم، تُذبح بها الحقيقة وينهار بها القانون.

أمام هذا الوضع، لا بد من رد الاعتبار لسلطة الدولة، لهيبة المدرسة، لوظيفة الأسرة، ولجدية الإعلام.
فلا أحد يُولد جانحا… لكن الجميع يمكن أن يساهم في صناعته أو في تربيته وتوجيهه قبل وقوع الكارثة ..
أما العقاب فلا مفر منه ولا بديل له بعد وقوع الجرم بأدلة دامغة .. سواء كانت مسطرة جنائية أو مجموعة القانون الجنائي.
ولابد من الإشارة بأن المواقع لا تنقل دائما الحقائق من الواقع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img