بقلم : رشيد صفـَر
في أمسية دافئة امتزج فيها الفن السابع بالفرح، شهدت قاعة ميغاراما بالدار البيضاء، مساء الاثنين 3 نونبر 2025، العرض ما قبل الأول للفيلم السينمائي “زّاز” وسط حضور جماهيري غفير فاق التوقعات، حيث امتلأت القاعة عن آخرها بعشاق السينما والممثلين والنقاد والإعلاميين، في مشهد يليق بعودة الروح إلى الشاشة الكبرى المغربية.
منذ الدقائق الأولى لافتتاح العرض، شعر الحاضرون أن هناك عملا مختلفا قادما، عمل خرج من قلب الحياة اليومية، ليضحكنا على أنفسنا قبل أن يضحكنا على الآخرين. ومع انطفاء الأضواء وظهور الشعار الافتتاحي، كان التصفيق الجماعي بعد جزء البداية أي الجينيريك، بمثابة إعلان عن ولادة فيلم جديد استطاع أن يخلق تواصلا حقيقيا مع المتلقي منذ اللحظة الأولى.
الفيلم يقدّم رؤية ساخرة للعالم الرقمي ولأوهام الشهرة التي تصنعها مواقع التواصل الاجتماعي. لكنه، في عمقه، يظل حكاية عن “زاز” بطل الفيلم وهو يواجه تحوّلات عصره بسذاجة أحيانا، وبذكاء فطري أحيانا أخرى.
الفيلم يوثق لأول بطولة سينمائية للممثلان عبدو الشامي وسارة دحاني ويشارك فيه ثلة من الأسماء المحبوبة لدى الجمهور، من بينهم : عبد اللطيف شوقي، زكريا عاطفي، جواد السايح، إبراهيم خاي، زياد الفاضلي، كريم سعيدي، سحر المعطاوي، لبنى شوكلاط، مهدي تكيطو، صلاح بن صالح، عباس كاميل، أمين حسناوي، وزكريا مسكابي.
كما يمنح الفيلم الفرصة لوجوه جديدة، من بينها سفيان سميع ولبنى ماهر، إلى جانب مشاركة مميزة للطفل جاد الله الرشيد والطفلة أفنان نبار.
ويُثري الفيلم حضور موسيقيين وفنانين آخرين، من بينهم: المغني مامون صالاج، مصطفى التابوتي، عتيقة العاقل، مهدي شنتوف، عادل العماري، سكينة بوزيد، عبد الهادي التازي، والمغنية حنان الماوي.
وقد كانت أجواء العرض أشبه بمهرجان مصغّر، حيث غصّت القاعة بالحاضرين، وتعالت الضحكات والتصفيقات في أكثر من مشهد، خصوصا خلال اللقطة الشهيرة التي جمعت “زاز” بـ“صحن دجاجة بالدغميرة”، والتي أعتبرها – من موقعي كمؤلف رفقة البطل عبدو شامي – سابقة في تاريخ السينما المغربية، إذ تمكّنت الدجاجة من انتزاع الضحك من وجدان الجمهور دون أي افتعال أو إسفاف، معتمدة على ذكاء الموقف وصدق الأداء.
اللافت في الأمسية كان التفاعل العفوي للحضور، الذي لم يكتف بالمشاهدة، بل عاش تفاصيل الفيلم كأنه جزء منها. فقد التقط الجمهور كل الإشارات الساخرة، وقرأ ما وراء الحوارات، مما جعل التواصل بين الشاشة والمقاعد تفاعلا ثقافيا نادرا في زمن السرعة والاستهلاك.
بعد نهاية العرض، تبادل فريق العمل التهاني وسط موجة من التصفيق امتدت لدقائق. وأشاد المخرج يوسف المدخر في كلمته بروح الفريق التي جمعت كل المشاركين في العمل، مؤكداً أن “زاز” ليس مجرد فيلم كوميدي، بل هو مرآة تعكس قلق الإنسان المغربي وسط زحمة العالم الرقمي.
أعبّر عن امتناني لكل من حضر للعرض : “شكرا لكل من حضر وشاركنا هذه اللحظة، لقد كان الدفء الحقيقي في عيون الجمهور وتصفيقاته، فهو الذي يمنحنا المعنى والدافع للاستمرار”.
النجاح الكبير الذي عرفه العرض ما قبل الأول يضع فيلم “زاز” في مقدمة الأعمال المنتظرة هذا الموسم، خصوصا مع انطلاق عرضه الرسمي في جميع القاعات السينمائية المغربية ابتداء من 5 نونبر.
إنه فيلم مغربي بامتياز، وُلد من قلب الجمهور وإليه يعود، يحمل رسالة مفادها أن الضحك حين يكون صادقا، يصبح فعلا للمقاومة الثقافية في وجه التفاهة والسطحية.

