بقلم: الصحافي حسن الخباز
مدير جريدة الجريدة بوان كوم
يعيش الرأي العام المغربي منذ أيام على وقع ضجة إعلامية غير مسبوقة تفجّرت إثر تبادل اتهامات خطيرة بين المؤثرة مايسة سلامة الناجي والصحافي نور الدين لشهب، تضمنت معطيات حساسة حول ما وُصف بمحاولات توظيف المال السياسي لتوجيه الرأي العام خلال لحظة سياسية دقيقة في المغرب. لشهب خرج في بث مباشر يتهم مايسة بتلقي مبلغ 75 مليون سنتيم على دفعتين من رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش من أجل استهداف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، والتأثير على مواقفه خلال فترة البلوكاج الحكومي سنة 2016، مؤكداً أن لديه شاهداً كان حاضراً لحظة تسليم الأموال. في المقابل، ردّت مايسة في فيديو جديد بأن المبلغ الذي عرض عليها لم يكن 75 مليونا بل مليار سنتيم (100 مليون سنتيم)، وجاء عن طريق وسيط محسوب على إحدى شركات أخنوش، موضحة أنها رفضت العرض، معتبرة أن الصمت أشرف من التطبيل مقابل المال، قبل أن تلوّح بأنها تلقت عروضاً أخرى لدخول البرلمان، وهو ما اعتبرته دليلاً على أن المؤسسة التشريعية باتت أداة توزع وفق الولاءات والمصالح وليس استناداً إلى الإرادة الشعبية. التصريحات المتبادلة فجّرت موجة من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي، وطرحت تساؤلات مشروعة حول مدى نزاهة الحياة السياسية في البلاد، ما دفع عدداً من المتابعين والفاعلين السياسيين إلى المطالبة بتدخل النيابة العامة لفتح تحقيق نزيه وشامل بخصوص كل ما ورد من اتهامات صريحة في الفيديوهات، خصوصاً وأنها تتعلق بقضايا خطيرة مثل استعمال المال للتأثير على الانتخابات، واستعمال النفوذ لتوجيه المؤثرين، واستغلال المنابر الرقمية لتصفية الحسابات السياسية. كما طالب متتبعون باستدعاء الطرفين مع الشاهد الذي تحدث عنه لشهب للتأكد من حقيقة الواقعة ومدى مصداقية كل طرف، مع دعوة النيابة العامة للتحقق من الجهات التي عرضت على مايسة تمكينها من دخول المؤسسة التشريعية، والكشف عن كل الجهات الخفية التي تحرك هذه الخيوط. هذه القضية لم تعد شأناً شخصياً بين مؤثر وصحافي، بل أصبحت تمس صورة المشهد الديمقراطي المغربي، وتدق ناقوس خطر بشأن نزاهة الفضاء الرقمي والسياسي، حيث تتحول بعض المنصات إلى أدوات توجيه واستهداف بدل أن تبقى فضاءات للتعبير الحر والنزيه. إن استمرار الصمت الرسمي قد يزيد من تعميق الشكوك وضرب الثقة في المؤسسات، خصوصاً وأن القضية تحظى بمتابعة واسعة داخل المغرب وخارجه، ما يفرض تحركاً عاجلاً يكشف الحقيقة ويعيد الاعتبار للعمل السياسي النظيف، في مغرب يطمح لترسيخ الديمقراطية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.