spot_img

ذات صلة

كل المقالات

إبن أحمد على صفيح ساخن… الشرطة تقترب من فك لغز “فاجعة المرحاض”

✍️ المراسل: حجاج نعيم – إبن أحمد، إقليم سطات في...

الحسيمة تحتفي بالتربية الدامجة عبر دورة تكوينية لتعزيز مبدأ “التعلم للجميع”

مراسلة: هشام مساعد في إطار الحملة الجهوية التواصلية للتربية الدامجة،...

انتحار نجمة تلفزيونية بسبب التنمر الإلكتروني في بريطانيا.

سلسلة الواقع والمواقع ..

في عصر التطور التكنولوجي والاتصال الفوري، لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتفاعل بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل فقط، بل أصبحت فضاء لصناعة وتشكيل الرأي العام، وإشعال النقاشات الكبرى، والتأثير في القرارات السياسية، فقد تتحول تغريدة أو مقطع فيديو قصير إلى قضية وطنية أو أزمة دولية.

“الواقع والمواقع “… سلسلة مقالات ننشرها حصريا في جريدة “ديريكت بريس” للتسلية والترفيه وأيضا للتوعية والتثقيف، حيث نرصد من خلالها تفاصيل حدث خلق ضجة إعلامية كبيرة، انطلاقا من مواقع التواصل الاجتماعي، لنتتبع خيوط تأثيره على ردود أفعال المواطنين وصناع القرار في العديد من دول العالم.
بقلم : رشيد صفــَـر

الواقع والمواقع 7 : انتحار نجمة تلفزيونية بسبب التنمر الإلكتروني في بريطانيا.

في فبراير 2020، اهتزت بريطانيا والعالم بخبر انتحار الإعلامية الشهيرة كارولين فلاك، مقدمة برنامج “Love Island”. كانت فلاك تعتبر واحدة من أبرز الوجوه الإعلامية في المملكة المتحدة، لكن حياتها المهنية الناجحة تحولت إلى مأساة بسبب ضغوط الإعلام والتنمر الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اتهمها صديقها لاعب التنس بورتون بالاعتداء عليه، مما دفعه لرفع دعوى قضائية ضدها، وأصبحت مهددة بالسجن، وتم استهدافها بحملة قاسية على مواقع التواصل الاجتماعي.

من هي كارولين فلاك؟
ولدت كارولين في 9 نوفمبر 1979، وبدأت مشوارها الإعلامي في إذاعة راديو بي بي سي، قبل أن تنتقل إلى التلفزيون وتقدم العديد من البرامج، أبرزها “Love Island” على قناة ITV البريطانية. هذا البرنامج كان له دور كبير في انطلاقة شهرتها، حيث يشارك فيه مجموعة من الشبان والشابات، يقيمون في فيلا معزولة لرصد علاقاتهم العاطفية تحت مراقبة الكاميرات، ويعتمد البرنامج على تصويت الجمهور لاختيار المشاركين الذين يواصلون إلى النهاية لتجديد أحسن حبيب وحبيبة.

بداية القصة

في ديسمبر 2019، تعرضت كارولين فلاك لاتهام بالاعتداء على صديقها، لاعب التنس البريطاني لويس بورتون، بعد وقوع شجار بينهما في منزلها. وكانت الحادثة قد أسفرت عن إصابة بورتون في وجهه، مما دفعه إلى الاتصال بالشرطة وتقديم شكوى ضدها. في البداية، كانت فلاك قد نفت التهم، لكن الحادثة أثارت ضجة إعلامية واسعة. الأمر تطور أكثر عندما صدر قرار تقديمها للمحاكمة بتهمة الاعتداء، مما أسهم في تدمير حياتها الشخصية والمهنية، لم تكن تتوقع أن تنتهي العلاقة بينها وبين صديقها بهذه الطريقة ولم تفكر يوما ما أن يرفع ضدها دعوى قضائية للزج بها في السجن، لقد تعرضت كارولين لضغوطات شديدة من الإعلام والجمهور، مما أسهم في تدهور حالتها النفسية.

بعد الحادث، بدأ الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في شن حملة شرسة ضد كارولين فلاك، حيث تم تداول صورها واتهامها بالعنف، وظهرت العديد من التعليقات السلبية من المتابعين الذين هاجموا شخصيتها وأخلاقياتها.
ازدادت حدة الهجوم عبر وسائل الإعلام وبدأت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي في التصاعد، مع انتشار التعليقات القاسية وعبارات ورسومات وفيديوهات التنمر الإلكتروني، وما زاد من معاناتها هو أن العديد من المشاهير والرواد، اتهموها عبر الإنترنت وفي البرامج الحوارية التلفزيونية بأنها كانت تتصرف بعنف وأنها لا تستحق أن تكون قدوة، لكن النقطة التي أفاضت الكأس، هي عندما أطلق بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملات تطالب بإبعادها عن شاشة التلفزيون نهائيا.

في 15 فبراير 2020، تم العثور على كارولين فلاك ميتة في منزلها في لندن، كانت قد توفيت بسبب الانتحار، إذ أن ضغوط الإعلام والتنمر الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي دفعتها إلى تنفيذ قرارها المأساوي.
قبل انتحارها، كانت قد أُجبرت على التنحي عن تقديم برنامج “Love Island” بسبب التحقيقات القانونية التي كانت تواجهها. وكان هذا القرار بمثابة ضربة قاصمة لها، حيث شعرت بأن حياتها المهنية قد دمرت. كما كانت كارولين قد تحدثت في عدة مناسبات عن المعاناة النفسية التي كانت تمر بها بسبب الإعلام، وقالت إنها لم تكن قادرة على التعامل مع الضغوط و الحملة الإعلامية والتعليقات السلبية التي لا تنتهي على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ كانت من العوامل الرئيسية التي دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار المؤلم.
بعد انتحار كارولين، أصبح موضوع التنمر الإلكتروني أحد المواضيع الشائكة التي تم مناقشتها بشكل موسع في بريطانيا بوسائل الإعلام، لتحليل مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير صورة الأفراد وتحميلهم مسؤولية مشاعرهم السلبية، سواء عبر الحملة الإعلامية أو السخرية اللاذعة التي تعرضت لها كارولين .. لقد كانت وفاتها دليلا واضحا على مدى الضرر الذي يمكن أن تسببه منصات التواصل الاجتماعي للمشاعر الشخصية والصحة النفسية.

فتحت قضية انتحار كارولين فلاك الباب للنقاش حول مسؤولية الإعلام في حماية الأفراد، وخصوصا المشاهير. فهذا الإعلام، الذي كان له دور كبير في تسليط الضوء على حياة كارولين الخاصة، أصبح موضع انتقاد بعد الحادثة، حيث تم الإشارة إلى عدم تقدير الإعلامي وناقل الخبر عموما لجوانب الحياة الشخصية ومشاعر الأفراد قبل بث الأخبار، كما إن برنامج “Love Island” الذي كانت كارولين أحد أبرز وجوهه، أصبح موضع تساؤلات ونقد لاذع أيضا بعد الحادثة، إذ أصبح البرنامج نفسه محط انتقادات بشأن الطريقة التي يُعامل بها المشاهير في ظل الضغوط المجتمعية.

لا يمكن إغفال التأثير الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح بإمكان أي شخص أن يتسبب في تغييرات في حياة شخص آخر، إذ يمكن أن يقود هذا الأمر في بعض الحالات إلى نتائج مأساوية كما حدث مع كارولين.
تظل كارولين فلاك رمزا مأساويا لحياة مليئة بالضغوط الإعلامية والتهديدات الإلكترونية التي كانت فوق طاقتها .. قصتها تذكرنا بأن الشخصيات العامة، رغم شهرتها، يمكن أن تحس بالضعف والقهر واليأس مثل أي شخص آخر في مواجهة ضغوط الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كما تبرز الحادثة حقيقة مهمة في عصرنا الحالي وهي أن منصات التواصل الاجتماعي إذا لم يتم التعامل معها بحذر، فقد تكون سببا في اتخاذ قرارات مصيرية قد تؤثر في حياة الأفراد بشكل خطير وغير متوقع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img