بقلم: حسن الخباز
عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليثير الجدل مجددًا، لا فقط بسبب إعادة انتخابه على رأس الحزب، بل بسبب تصريحاته الأخيرة التي فجرّت موجة غضب واسعة، داخل وخارج مواقع التواصل الاجتماعي.
تصريحات بنكيران، التي قال فيها إن “تازة أولى من غزة” وألمح فيها إلى أن بعض المغاربة “حمير وميكروبات” لأنهم عبّروا عن دعمهم للقضية الفلسطينية، اعتُبرت مهينة ومستفزة، خصوصًا أنها صادرة عن شخصية سبق أن قادت الحكومة المغربية، وتترأس أكبر حزب إسلامي في البلاد.
الفنان رشيد الوالي كان من أبرز من خرجوا للرد، حيث كتب:
“إن كنت ترى أن السياسة لم تعد تسعك، فانسحب في صمت، ودع الناس يذكرونك بالخير لا بالإهانة.”
وفي تدوينة مطولة، عبّر عن حزنه كمواطن مغربي من تلك التصريحات الجارحة، مؤكدًا أن الأب نفسه لم يعد يصف أبناءه بتلك الكلمات، فكيف لرجل كان يومًا رئيسًا للحكومة؟
من جهتها، كتبت أمينة بن الشيخ أوكدورت أن ما صدر عن بنكيران لا يُظهر فقط “فقدانًا للاتزان السياسي”، بل يعكس “استخفافًا بعقول المواطنين”، مضيفة أن المغاربة ليسوا في حاجة لمن يمنحهم دروسًا في حب فلسطين ولا في الوطنية. ووصفت خطابه بـ”الإقصائي والمشحون بالكراهية”، مشيرة إلى أنه يزرع الانقسام ويهدد التماسك الوطني.
ردود الأفعال لم تقتصر على المثقفين، بل امتدت إلى تعليقات شعبية واسعة، حيث كتب أحدهم:
“فاقد الشيء لا يعطيه. إذا اقتربت من المزبلة فلن تشم إلا الروائح الكريهة. ماذا ننتظر من تجار الدين والمتنكرين لقضيتنا الوطنية؟”
الصحف الوطنية بدورها لم تلتزم الصمت، ووصفت خرجة بنكيران بأنها أشبه بـ”قصف عشوائي” مليء بالأوصاف غير اللائقة، واتهامات خطيرة وصلت إلى حد اتهام رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش بـ”شراء ولاءات الموظفين” بالمال العام، واعتبار الزيادات الأخيرة في الأجور مجرد “رشاوى انتخابية”.
تصريحات بنكيران، التي جاءت في لحظة سياسية حساسة، أثارت موجة استنكار واسعة، خصوصًا بسبب استعماله لعبارات قدحية تجاه من لا يشاركونه الرأي، وهو ما اعتبره كثيرون إهانة مباشرة لكرامة المواطن المغربي، وتراجعًا خطيرًا في مستوى الخطاب السياسي.
فهل تكون هذه الخرجة بداية النهاية لخطاب بنكيران، الذي لطالما اعتمد أسلوب المواجهة والخرجات النارية؟ أم أن الرجل سيواصل اللعب على الحافة، ولو على حساب وحدة الصف والمصلحة الوطنية؟