عادت مسألة الهوية الأمازيغية إلى صدارة النقاش العام بالمغرب عقب تصريحات مثيرة للجدل صدرت عن إلياس المالكي اليوتبر المغربي ، وخلقت ضجة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي. ورغم أن هذه التصريحات لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن حدتها، وما أظهرته من جهل لدى قائلها حول الهوية الأمازيغية المغربية، كانت كفيلة بإثارة حفيظة كثير من المتابعين الذين دعوا إلى رفع دعوى قضائية ضده.
وفي تدوينة له على منصة فيسبوك، وصف الأستاذ عبد اللطيف أكنوش الشاب المالكي بأنه “أمي بمعنى الكلمة”، مستندًا في وصفه إلى ما أبداه الأخير من سوء فهم عميق للأصول الثقافية والتاريخية للأمازيغ في المغرب. وقد أشار الأستاذ أكنوش إلى أن المالكي لا يدرك، على ما يبدو، أن “الشلوح” هم الأمازيغ، وأن الأمازيغية جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية، وأن الأمازيغ موزعون ليس فقط في المغرب، بل يمتد وجودهم عبر شمال إفريقيا بأكمله، من مصر إلى ليبيا والجزائر وتونس، مع تركزهم الأكبر بالمغرب.
وواصل الأستاذ أكنوش تعليقه على تصريحات المالكي، مبرزاً أن “الدستور المغربي في مقدمته يعلن بوضوح أن العمود الفقري للهوية المغربية هو الانتماء الأمازيغي إلى جانب الانتماءات الأخرى؛ الإسلامية والعربية والمتوسطية والعبرانية والحسانية”. واعتبر أكنوش أن الجهل الذي أظهره المالكي حول هذه المعطيات الأساسية يعفيه من أي قيمة يمكن أن تحملها تصريحاته المتناثرة هنا وهناك.
و ذكّر الأستاذ أكنوش في تدوينته بسياسة التعريب التي طبقتها الدولة المرينية في القرون السابقة، حيث اعتمدت الزوايا والمدارس كأدوات لنشر الثقافة واللغة العربية بين السكان، من دون إقصاء للهوية الأمازيغية التي ظلت حاضرة وجزءاً من نسيج المغرب الاجتماعي. ويقول أكنوش إنه سبق له أن كتب بإسهاب عن هذا الموضوع، داعيًا المهتمين إلى الرجوع لمقاله المنشور باللغة الفرنسية بعنوان “la politique mérinide d’arabisation des Amazighs au Maroc”.
ويرى الأستاذ أكنوش أن مقاضاة شخص لا يتمتع بمستوى كافٍ من الاطلاع على هذه المسائل قد تكون خطوة غير مجدية، موضحاً: “ما الفائدة من رفع دعوى قضائية ضد إنسان جاهل في مادة تتطلب شيئا من الاطّلاع والثقافة؟”
بالمقابل، تطالب بعض الأصوات بردّ قانوني تجاه كل من يتعمد نشر معلومات مغلوطة عن الهوية المغربية، حيث يعدّون هذه التصريحات إهانة لشريحة واسعة من الشعب المغربي. لكن يرى آخرون أن الحل الأمثل يكمن في التركيز على التوعية وتثقيف الأجيال الصاعدة حول تاريخهم وهويتهم الحقيقية.