بقلم الصحافي : حسن الخباز.
تتزايد في المغرب حالات الإصابات التي تترك عاهات دائمة على مستوى الوجه، مما جعل هذا النوع من الجرائم يتحول إلى ظاهرة شائعة يُنظر إليها بأمر غير مقبول، خاصةً في ظل الأحكام القضائية المخففة التي لا ترقى إلى مستوى الفداحة التي تتركها هذه الاعتداءات. ففي قضية حكمت فيها المحكمة على المعتدية التي اعتدت على إحدى الضحايا – والتي تسببت في إصابة دائمة على وجه الضحية – تم إصدار حكم سجني مدته شهرين فقط، وهو ما أثار موجة من الغضب والصدمة في الشارع المغربي، حيث يعتبر عدد الشهرين عقوبة رمزية لا تردع عن ارتكاب هذا الجرم.
هذا التنازل القضائي المخفف يشكل إهانة للعدالة، إذ يتم تقدير مدة العجز بعقوبة لا تمتد إلا إلى شهرين، في حين أن الأضرار على مستوى الوجه قد تستمر مدى الحياة وتؤثر على هوية الضحية وقدرتها على الاندماج الاجتماعي. إذا ما نظرنا إلى المبدأ الشعبي “العين بالعين، والسن بالسن، والجروح قصاص”، يتبين أن النظام القضائي الحالي قد فشل في تطبيق الردع الكافي ضد الاعتداءات التي تترك آثاراً دائمة، مما يشجع على تكرارها ويضعف ثقة المواطنين في قدرة القضاء على حماية حقوقهم.
من هنا تنطلق الدعوات لإصلاح القانون الجنائي لتشديد العقوبات، بحيث لا يُسمح لأي معتدية بإفلات مسؤوليتها عن آثار جريمتها. وعلى صعيد آخر، يجب أن يكون السجن مؤسسة تأديب حقيقية تُبعد المجرمين عن الحياة الاجتماعية، عن طريق فرض أعمال شاقة وفرض نظام عقابي صارم يردع من يحاول استغلال الضعف البشري.
ولعلاج هذه الظاهرة المتفاقمة، يتعين على الجهات المختصة إصدار قوانين رادعة تتضمن ترتيبات واضحة لضبط استخدام الأسلحة البيضاء غير المشروعة، وتنظيم عمليات التبليغ عن الجرائم، وضمان تطبيق العقوبات بما يتناسب مع جسامة الضرر الواقع على الضحايا، خاصةً في حالات العاهات المستديمة التي تترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا بعيد المدى. كما يجب تعزيز حملات التوعية الوطنية حول خطورة هذه الجرائم، وتسليط الضوء على ضرورة الوقاية باستخدام تقنيات حديثة في الكشف عن مثل هذه الاعتداءات، وتفعيل دور المؤسسات الحقوقية في متابعة ورصد مثل هذه القضايا.
في نهاية المطاف، يُشكل استمرار إصدار أحكام مخففة تجاه ارتكاب الجرائم التي تترك عاهات دائمة تهديدًا خطيرًا لنظام العدالة، ويجب على المجتمع بأسره – من السلطة القضائية والجهات التشريعية والتنفيذية – التعاون لإعادة بناء نظام عقابي يضمن عدم تكرار هذه الأفعال ويعيد إلى الضحايا حقوقهم المسلوبة، حتى لا يبقى النزيف جرحًا مفتوحًا يؤرق المجتمع ويُضعف قدرة الدولة على الحفاظ على هيئتها وثقة مواطنيها.