spot_img

ذات صلة

كل المقالات

إبن أحمد على صفيح ساخن… الشرطة تقترب من فك لغز “فاجعة المرحاض”

✍️ المراسل: حجاج نعيم – إبن أحمد، إقليم سطات في...

الحسيمة تحتفي بالتربية الدامجة عبر دورة تكوينية لتعزيز مبدأ “التعلم للجميع”

مراسلة: هشام مساعد في إطار الحملة الجهوية التواصلية للتربية الدامجة،...

قصة شابتين مصريتين من تيكتوك إلى السجن.

سلسلة الواقع والمواقع ..

في عصر التطور التكنولوجي والاتصال الفوري، لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتفاعل بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل فقط، بل أصبحت فضاء لصناعة وتشكيل الرأي العام، وإشعال النقاشات الكبرى، والتأثير في القرارات السياسية، فقد تتحول تغريدة أو مقطع فيديو قصير إلى قضية وطنية أو أزمة دولية. “الواقع والمواقع “… سلسلة مقالات ننشرها حصريا في جريدة “ديريكت بريس” للتسلية والترفيه وأيضا للتوعية والتثقيف، حيث نرصد من خلالها تفاصيل حدث خلق ضجة إعلامية كبيرة، انطلاقا من مواقع التواصل الاجتماعي، لنتتبع خيوط تأثيره على ردود أفعال المواطنين وصناع القرار في العديد من دول العالم.

بقلم : رشيد صفــَـر .

الحلقة 11 :قصة شابتين مصريتين من تيكتوك إلى السجن.

لم تكن الصديقتان مودة الأدهم وحنين حسام، من مدينة القاهرة بمصر، تتوقعان أن الشهرة عبر تيك توك ولايكي، التي بدت في البداية كحلم وردي، ستتحول إلى كابوس يُنهي حريتهما. فبينما كانتا ترقصان على إيقاع التفاعل واللايكات، لم تدركا أن فيديو واحدا قادر على نقل اسميهما من قائمة المؤثرين إلى سجلات المحاكم. في زمن أصبحت فيه الشهرة متاحة للجميع، لم تعد القصة تنتهي عند عدد المشاهدات، بل النهاية كانت عبر مصير صعب يخفيه القانون في نصوص إدانة وأحكام سالبة للحرية.

قبل “لايكي”.. بداية عادية بطموحات كبيرة..

قبل أن تتحول قصتهما إلى عنوان في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد، كانت مودة الأدهم وحنين حسام مجرد فتاتين عاديتين تحلمان ببناء حياة أفضل من خلال السوشيال ميديا. بدأتا رحلتهما على تيك توك بنشر مقاطع بسيطة تمزج بين الرقص والمرح وتفاصيل يوميات تبدو مألوفة لمتابعيهما. لم يكن هناك ما يوحي بأن الأمور ستتجاوز حدود الترفيه والتفاعل العابر.

مع مرور الوقت، بدأت أعداد المتابعين تتزايد بشكل لافت. تحولت الفيديوهات من هواية إلى مصدر دخل، وبدأت عروض التعاون مع العلامات التجارية تتوالى. في عيون المتابعين، أصبحتا مثالا للنجاح السريع الذي تمنحه خوارزميات تيك توك بلا شروط واضحة. لكن كما هو الحال في قصص الشهرة الرقمية، لم يكن النجاح بلا ثمن.

تفاصيل الحكاية في “لايكي” واستهداف المراهقات.

انتقلت مودة الأدهم وحنين حسام من مجرد تقديم محتوى ترفيهي إلى استغلال منصات التواصل كأداة لتحقيق الربح المادي. في أحد الفيديوهات التي أثارت الجدل على تطبيق “لايكي”، دعت حنين حسام الفتيات، خصوصا المراهقات، للانضمام إلى مجموعتها الخاصة لكسب المال من خلال البث المباشر. كان العرض بسيطا أو هكذا بدا للفتاتين : التفاعل المستمر مع المتابعين في بث حي مقابل مكافآت مالية.

رغم أن الفكرة بدت للبعض كفرصة لتحقيق دخل إضافي، إلا أن النيابة العامة ببلد مصر، اعتبرت أن استهداف فتيات صغيرات بهذا العرض يحمل في طياته شبهات استغلال. تم اتهام حنين ومودة بالإتجار بالبشر، حيث فُسرت دعوتهما كتحريض على السلوكيات غير الأخلاقية، تحت غطاء العمل عبر منصات التواصل الإجتماعي.

لم تكن مودة الأدهم بعيدة عن هذه التهم. فبينما ركزت حنين على المراهقات، كانت مودة تستهدف فئات واسعة من الفتيات الباحثات عن الشهرة والمال السريع. قدمت نصائح حول كيفية زيادة التفاعل، وطرق استغلال الخوارزميات لتحقيق أعلى نسب مشاهدة. لكن ما بدأ كنصائح رقمية، انتهى بتهم قانونية.

حين يطرق القانون بابك عبر الشاشة

في عام 2020، سرعان ما تحولت هذه الفيديوهات إلى دليل إدانة. تم اتهام الفتاتين بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بالإتجار بالبشر والتحريض على الفسق، وهي تهم ثقيلة في بلد لا يتسامح مع ما يعتبره “تجاوزا أخلاقيا”.

قانون الجرائم الإلكترونية: بين الحماية والوصاية.

في زمن أصبح فيه الهاتف سلاحا والكاميرا منصة للسلطة، لم يعد مستغربا أن تُفكك المحاكم ما يُبنى على السوشيال ميديا. حُكم على حنين حسام بالسجن 10 سنوات، وعلى مودة الأدهم بـ 6 سنوات مع غرامة قدرها 200 ألف جنيه مصري. ليس بسبب جريمة تقليدية، بل لأن فيديو قصيرا فُسر على أنه استغلال للفتيات.

رغم أن هذه الأحكام قوبلت بانتقادات من منظمات حقوقية اعتبرت العقوبات مبالغا فيها، إلا أن القضية أثارت جدلا أعمق حول مفهوم الحرية الرقمية. هل يمكن لمنصة ترفيهية أن تتحول إلى فخ قانوني؟ هل أصبحت الشهرة على السوشيال ميديا خطرا يُحسب له ألف حساب؟

بين “لايكي” واللايكات.. خيط رفيع

لايكي، التي لا تختلف كثيرا عن تيك توك، لم تعد مجرد مساحة للمرح. إنها شاشة تعكس وجه المجتمع الذي يراقب ويحاسب. في زمن أصبح فيه “الترند” عملة والمحتوى سلعة، يمكن لفيديو واحد أن ينقلك من خانة المؤثر إلى خانة المتهم.

قضية مودة الأدهم وحنين حسام ليست مجرد درس في القانون، بل في أخلاقيات العصر الرقمي. في عالم يصفق فيه الجمهور لمن يرقص ويُدير ظهره لمن يسقط، تبقى القاعدة الوحيدة هي : الشهرة ليست مجانية، والعدالة يقضة لتتبع الأنشطة اليومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
المواقع : منصات متاحة التواصل في العالم الافتراضي عن طريق هاتف ذكي.
الواقع : شاشة صغيرة قادرة على تغيير مسار حياة كاملة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img