بقلم : هدى الكايد
يُعد محمد مفتكر واحدًا من أبرز المخرجين المغاربة الذين قدموا للسينما أعمالًا تحمل بعدًا فلسفيًا وإنسانيًا عميقًا، حيث تميزت أفلامه بالبحث في النفس البشرية وتناقضاتها، بعيدًا عن القوالب التقليدية التي تعتمد على الترفيه السطحي فقط.
حياته ودراسته
ولد محمد مفتكر عام 1965 في عين السبع – الحي المحمدي، وتابع دراساته العليا في الأدب الإنجليزي، قبل أن يتعمق في دراسة السينما. كما شارك في عدة دورات متخصصة في كتابة السيناريو والإخراج داخل المغرب وخارجه، مما أثرى مسيرته السينمائية وجعل أعماله تحمل طابعًا فكريًا وفنيًا متميزًا.
إلى جانب مسيرته كمخرج، ساهم مفتكر في تأطير ورشات لكتابة السيناريو، سعيًا لنقل خبرته إلى الأجيال الجديدة من السينمائيين المغاربة.
مسيرته الفنية
انطلق مشوار مفتكر السينمائي من خلال مجموعة من الأفلام القصيرة، التي قدم فيها رؤيته الفنية العميقة لقضايا الحياة والوجود، ومن بينها:
- ظل الموت
- رقصة الجنين
- نشيد الجنازة
- آخر الشهر
لكن بصمته الحقيقية بدأت تظهر أكثر مع أفلامه الطويلة، والتي نالت إشادة واسعة محليًا ودوليًا:
- “بُراق” (2010): فيلم حمل بعدًا روحانيًا وفلسفيًا، واستطاع أن يضع مفتكر على خارطة السينما المغربية المتميزة.
- “محطة الملائكة” (2010): تجربة إخراجية مشتركة مع هشام العسري ونرجس النجار.
- “جوق العميين” (2015): واحد من أنجح أفلامه، حيث قدم عبره رؤية سينمائية جديدة تستلهم الموروث المغربي بأسلوب درامي ساحر.
- “خريف التفاح” (2020): أحدث أعماله، والذي يعد تجربة سينمائية فلسفية بامتياز، يطرح من خلاله أسئلة وجودية عميقة دون تقديم إجابات سهلة.
أسلوبه السينمائي
ما يميز أفلام مفتكر هو قدرتها على الغوص في الأعماق النفسية لشخصياتها، وطرح مواضيع إنسانية عميقة تتجاوز السطحية المعتادة في بعض الإنتاجات السينمائية. فهو لا يسعى إلى تقديم فرجة سهلة للمشاهد، بل يجعله مشاركًا في رحلة فكرية وتأملية، مليئة بالأسئلة المفتوحة حول الحياة والوجود.
محمد مفتكر ليس مجرد مخرج، بل هو فيلسوف سينمائي يترجم رؤاه وأفكاره عبر عدسته، ليمنح السينما المغربية بعدًا جديدًا، يلامس عمق النفس البشرية ويسائل الواقع بذكاء وحرفية.