spot_img

ذات صلة

كل المقالات

إبن أحمد على صفيح ساخن… الشرطة تقترب من فك لغز “فاجعة المرحاض”

✍️ المراسل: حجاج نعيم – إبن أحمد، إقليم سطات في...

الحسيمة تحتفي بالتربية الدامجة عبر دورة تكوينية لتعزيز مبدأ “التعلم للجميع”

مراسلة: هشام مساعد في إطار الحملة الجهوية التواصلية للتربية الدامجة،...

نجوم لافيش

بقلم : قناص الصورة

في السينما المغربية والأفلام التلفزيونية، هناك ظاهرة بدأت تنتشر أكثر من انتشار الأفلام، وقد تصبح مدخلا لكتاب جديد في الفن السابع، ويمكن تسميتها “نجوم لافيش”.
نجوم “لافيش” لمن لا يعرفهم هم أشخاص يحبون الظهور حتى ولو تكلفوا بحمل معدات التصوير على “الظهور” جمع الظهر، و غالبيتهم لم ينجحوا في الحصول على أدوار ثانوية في الأفلام، وعند حصولم على دور صغير أو اشتغالهم ككومبارس في فترة التصوير، ينتظرون اقتراب موعد عرض الفيلم ويصنعون ملصقا (لافيش) يظهر به وجههم لوحدهم بمقياس كبير مع عنوان الفيلم، وأسماء الطاقم الفني والتقني، و يقومون بنشر هذا الملصق على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، مع التعليق عليه بعبارات لا يجرؤ نجوم الفيلم الحقيقيون على كتابتها في حساباتهم :
انتظروني في فيلم “نوضوها تشطح دارتها بصح”.
وعبارة : مشاركتي الرائعة في فيلم كذا وكذا.

فكيف أصبح نجوم “لافيش” حاضرين في كل مكان، رغم أنهم بالكاد يظهرون في بعض المشاهد الصغيرة.

السر يكمن في معادلة بسيطة وهي الشهرة على السوشيال ميديا مع الظهور في فيلم تم الإعتقاد بالوصول إلى نجومية وهمية.
فاليوم، لم يعد الأمر يتعلق بمن يمتلك موهبة أو من يتقن الأدوار بعد تجربة مهمة في مجال التمثيل، بل بمن يملك القدرة على ركوب موجة “البوز”. وهذه الظاهرة لا تنطبق على ممثلين ذوي مواهب استثنائية، بل تشمل أولئك الذين يظهرون في مشهد أو مشهدين، دون أن يكونوا موهوبين وبعدها يصبحون “نجوم لافيش” بسبب طاقتهم العجيبة في التسويق لصورهم على الإنترنت.

وبينما يروج هؤلاء “النجوم الجدد” لصورهم على حساباتهم، ينسون أنهم قد شاركوا في فيلم بلقطة قد لا تتجاوز ثوانٍ معدودة في مشهد غير مؤثر في مجريات القصة. وبما أن العمل السمعي البصري سواء في التلفزيون أو السينما، لا يتوقف عند الانتهاء من التصوير، فإنهم قد يكتشفون فيما بعد أن اللقطة الصغيرة التي شاركوا فيها قد تم حذفها في مرحلة المونتاج، بسبب طول المادة قبل التوضيب، لتحدث المفاجأة لأولئك الذين كانوا يظنون أن مشاركتهم في تلك اللقطة ستمنحهم الخلود في الشاشة.

هذه الحكايات ليست جديدة في عالم السينما، فهناك الكثير من “الكومبارس” الذين شاركوا في فيلم بلقطة صغيرة، وكانوا يظنون أن ذلك سيجعلهم نجوما بين عشية وضحاها.

ويروى أن واحدا منهم كان يقيم الدنيا ولا يقعدها كلما التقى بأصدقائه، متباهيا بمشاركته في فيلم سينمائي ضخم. وعندما اقترب موعد العرض ما قبل الأول، رافق أصدقائه بحماسة لمشاهدة الفيلم في السينما. وبعد أن مر جينيريك البداية، مرت دقائق طويلة دون أن يظهر له أي أثر في الشاشة، ليكتشف أنه لم يكن له أي وجود سوى في الملصق الذي صنعه وروجه في مواقع التواصل الاجتماعي وفي لحظة التوتر داخل قاعة السينما، بدأ الأصدقاء يلتفتون لبعضهم البعض، يتبادلون النظرات المحيرة، وكل واحد منهم ينتظر أن يظهر “النجم” على الشاشة. ومع مرور الوقت، بدأ علامات الاستفهام تظهر على وجوههم :
“فين هو؟”.
“واش كان في هاد الفيلم نيت .. ياكما في الجزء الثاني ؟”.
وفي النهاية، بعد أن بدأ جينيريك النهاية في الصعود داخل الشاشة، دون أن يُرى لنجم “لافيش” أي أثر، التفت الكومبارس لأصدقائه وقال لهم بابتسامة خفيفة : “غادي نكون دزت، غير ما رَديناش ليها البال”.

بالطبع، لا أحد كان ليُصدّق، لكن الحقيقة كانت واضحة: هو لم يكن مجرد “كومبارس”، بل “كومبارس لافيش”، وهو الدور الذي لا يظهر إلا على الصور، ويبقى في الذاكرة مؤقتا، إلى أن يحين الوقت لتقطيع الفيلم في المونتاج. وعليه، سيبقى هذا “النجم” في ذاكرة الجمهور كذكرى مبهمة، مثل تلك الصور التي تملأ صفحات الإنترنت، ولكن لا تجد لها أثرا على الشاشة.

كلما كانت الرغبة في الظهور فقط من أجل الظهور هي الهدف، يصبح من السهل أن نجد أنفسنا أمام فن لا يعتمد على الإبداع أو الجودة، بل على الترويج والصورة، إذ أصبحنا نعيش في عصر “البوز” بدلاً من “البحث عن الفن الحقيقي”، وأصبح كل من يظهر على الشاشة ولو للحظات معدودة يُعتبر نجما، ما دامت هناك صورة وملصق يتصدران وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن الحقيقة، التي لا يرغب البعض في الاعتراف بها، هي أن النجاح في التمثيل ليس مجرد لحظة عبور على الشاشة أو صورة كبيرة تزين ملصقا. النجاح الحقيقي هو القدرة على التأثير في الجمهور، ليس من خلال الصورة فقط، ولكن من خلال الأداء والإبداع. أما أولئك الذين يظنون أن النجم الحقيقي هو من يملأ صفحات الإنترنت بصورته، فإنهم لا يفهمون أن الفن ليس مجرد وجه جميل أو ضحكة عابرة، بل هو مزيج من الموهبة والدراسة والخبرة والحضور القوي الذي يجعل صورة الفنان تعيش في ذاكرتنا مع مرور الوقت وتراكم الأعمال الفنية، ولن يتحقق كل ذلك في لحظة عابرة على الشاشة.

في النهاية، سيظل “نجوم لافيش” في ذاكرة الجمهور لفترة قصيرة، مثل الصور التي قد تتلاشى بمرور الزمن، بينما يبقى النجم الحقيقي هو الذي يتوغل في وجدان الناس ويظل حاضرا حتى بعد انتهاء الفيلم ..
وانتهى الفيلم دون أن يظهر “نجم لافيش”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا
Captcha verification failed!
فشل نقاط مستخدم captcha. الرجاء التواصل معنا!
spot_imgspot_imgspot_imgspot_img